جاء في فتح الوهاب لزكريا الأنصاري من كتب الشافعية وهو يتكلم عن سجود الشكر مبيناً أن السجدة تكون في النعمة المتجددة لا المستمرة :” بِخِلَافِ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَالْعَافِيَةِ وَالْإِسْلَامِ والاستغناء عن الناس لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمْرِ في السجود “
مع أن السياق فقهي إلا أن كلامه هيج أشجاني فعلاً نعمة الإسلام سابغة علينا في كل لحظة وكذا نعمة العافية فيزول عنا جزء منها قليلاً ثم نتعافى وكذا الاستغناء عن الناس فكم نرى من الناس يقف في المحافل يسأل الآخرين ولا نستشعر النعمة إذ لم نكن مكانه
كثير مما نسجد له شكراً وحق لنا ذلك نحن أصلاً في نعمة أعظم منه ابتداء الإسلام والعافية والاستغناء عن الناس فلو قضى المرء حياته ساجداً لله ما أدى شكر هذه النعم ، ثم تجدنا نكسل عن صلوات يسيرة وثوابها عظيم فليس شكراً مجرداً بل شكر ثوابه أعظم منه بكثير فسبحان الله الملك الوهاب الرحيم الرحمن وقاتل الله أصحاب القلوب الغلف من الزنادقة وأضرابهم ممن عظموا إنساناً حقيراً من خلق الله وجعلوا حقه أعظم من حق الخالق الذي من عليهم بكل هذا
وهذا الكلام باعتبار مشاهدة هذه النعم الثلاثة فكيف بمن من الله بأسرة وزوج وخادم وسكن يؤوي إليه يقره من البرد والحر ومطعم طيب وصاحب محب هذه كلها أو أكثرها وهو يرى كل يوم من حرم منها كلها أو بعضها ولا يعتبر ولو فقد شيئا منها ثم عاد إليه لسجد شكرًا