نظرية التولد الذاتي ونظرية التطور

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :” اعلم أن الناس اختلفوا في ابتدأ خلق البشر كيف كان، فذهب أهل أملل من المسلمين واليهود والنصارى إلى أن مبدأ البشر هو آدم الأب الأول، وذهب طوائف من الناس إلى غير ذلك، أما الفلاسفة فزعموا أنه لا أول لنوع البشر ولا لغيرهم من الأنواع _ هذا غريب فهم يقولون بقدم أصل العالم لا قدم الأنواع كلها _ ، وأما الهند فمن كان منهم على رأي الفلاسفة فقوله ما ذكرناه ومن لم يكن منهم على رأي الفلاسفة ويقول بحدوث الأجسام لا يثبت أدم، ويقول أن الله (تعالى) خلق الأفلاك وخلق فيها طباعا محركة لها بذاتها، فلما تحركت وحشوها أجسام لاستحالة الخلاء كانت تلك الأجسام على طبيعة واحدة، فاختلفت طبائعها بالحركة الفلكية، فكان القريب من الفلك المتحرك أسخن والطف، والبعيد أبرد واكشف. ثم اختلطت العناصر، وتكونت منها المركبات. ومما تكون منها نوع البشر كما يتكون الدود في الفاكهة واللحم، والبق في البطائح والمواضع العفنة، ثم تكون بعض البشر من بعض بالتوالد، وصار ذلك قانونا مستمرا، ونسى التخليق الأول الذي كان بالتولد. ومن الممكن أن يكون بعض البشر في بعض الأراضي القاصية مخلوقا بالتولد، وإنما أنقطع بالتوالد لأن الطبيعة إذا وجدت طريقا استغنت به عن طريق ثان”

هذه الفكرة قريبة جداً من نظرية التطور مع أن عموم التطوريين اليوم يهربون من بحث أصل الحياة لأن نظرية التولد الذاتي ثبت بطلانها وصعوبة حصولها في تبرير وجود أصل الحياة ، والهنود أرجعوا الأمر لله عز وجل لأنهم عقلاء لا كالسفهاء اليوم الذين يبدأون البحث من منتصفه ثم يقولون استغنينا عن الإله فيقولون الحياة تولدت من مواد عضوية ومن أين جاءت المواد العضوية أصلاً ولماذا تولدت الحياة أصلاً والعملية التي حصل منها تولد الحياة من مواد عضوية لماذا هي عصية على التكرر تلقائياً كما حصلت في الماضي السحيق فلئن قلت أن التطور يحتاج لملايين السنين فذلك لا ينطبق على تولد الحياة من اللاحياة فذلك حصل مرة في عملية إعجازية اسمها تولد ذاتي في عقل الخرافيين من التطوريين ولماذا حصل هذا التنوع الكبير بين المخلوقات المتقاربة في الحياة ولماذا هناك حياة أصلاً ؟ ثم الهنود لم يقولوا بتسلسل الأحياء حتى يصلوا للبشر وربما قصر ابن أبي الحديد في شرح فكرتهم