فإن من الكتاب البارزين في باب نقد النصرانية المعاصرة الدكتور منقذ السقار
.
وهؤلاء الكتاب يأخذهم الحماس حتى
لربما أنكروا أمراً له نظير في الشرع أو لا وجه لإنكاره
قال البخاري في صحيحه 4485 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي
كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ
أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا
بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا { آمَنَّا
بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا } الْآيَةَ
هذا الأمر النبوي كان للاحتراز من التكذيب بالحق أو ما قد يكون حقاً .
وأما الباطل الذي يخالف شرعنا
فهذا يجزم ببطلانه كنسبة البكاء والندم والبداء لله عز وجل .
وكنسبة الزنا والقتل لأنبياء الله
عز وجل فهذا مما أجمع أهل الإسلام على كفر ناسبه لله عز وجل أو لأنبيائه الكرام
وما لم يكن من هذا الباب فالجزم ببطلانه أو جعله برهاناً على تحريف كتب
القوم يحتاج إلى وقفة
نعم إذا استنكروا على شرعنا أمراً ووجدنا له نظيراً في شرعهم ألزمناهم
، وفي كتبهم من التناقض ما يبرهن على وجود التحريف بسهولة ويسر لأي باحث وهذا ما استطاع
إثباته العشرات من الباحثين
وأما الدكتور منقذ فأصاب في كثير مما ذكر وزل في بعض ذلك
قال منقذ السقار في كتابه هل العهد القديم كلام الله :” إله أم إنسان؟
يتحدث سفر التكوين عن خلق الله الإنسان على صورته وشبهه ” وقال الله: نعمل الإنسان
على صورتنا كشبهنا ” ( التكوين 1/26 )، وفي أكبر كنائس الكاثوليك في روما ( كنيسة
” سانت بيتر”) رسم الرسام مايكل أنجلو صورة لله تشبه البشر.
وتتحدث النصوص عن صور التشابه كما رسمها كتبة العهد القديم، ومن ذلك ما
جاء في رؤيا دانيال أن له رأساً، شعره أبيض ” وجلس القديم الأيام، لباسه أبيض
كالثلج، شعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه لهيب نار ” ( دانيال 7/9 ).
وله عينان وأجفان ” عيناه تنظران، أجفانه تمتحن بني آدم ” (
المزمور 11/4 ).
وله شفتان ” شفتاه ممتلئتان سخطاً، ولسانه كنار آكلة، ونفخته كنهر
غامر يبلغ إلى الرقبة ” (إشعيا 30/27 – 28 ).
وله رجلان ترى ” نـزل وضباب تحت رجليه ” ( المزمور 18/9 )، و”
لما صعد موسى وهارون وناراب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل رأوا إله إسرائيل، وتحت
رجليه حلية من العقيق الأزرق الشفاف، كالسماء في النقاء، ولكنه لم يمد يده إلى أشراف
إسرائيل ” ( الخروج 24/9 – 11).
وأيضاً له فم وأنف يخرج منهما دخان ونار” صعد دخان من أنفه، ونار
من فمه ” ( المزمور 18/9).
وألوهيته وعظمته لا تمنع من ركوبه الملائكة في تنقلاته، كما لا تمنع أن
يكون له أذنان “وإلى إلهي صرخت، فسمع من هيكله صوتي، وصراخي دخل أذنيه، فارتجت
الأرض وارتعدت، أسس السماوات ارتعدت وارتجت، لأنه غضب، صعد دخان من أنفه، ونار من فمه
أكلت، جمر اشتعلت منه، طأطأ السماوات ونـزل، وضباب تحت رجليه، ركب على كروب، وطار،
ورئي على أجنحة الريح… ” (صموئيل (2) 22/7 – 11 )، والكروب كما في قاموس الكتاب
المقدس هم نوع من الملائكة، وقد ذكر سفر حزقيال أن لكل واحد منهم وجهان أحدهما على
شكل وجه إنسان والآخر على شكل وجه شبل (انظر حزقيال 41/18).
وقد تكرر ركوبه على الكروبيم ” ومجد إله إسرائيل صعد عن الكروب الذي
كان عليه إلى عتبة البيت” (حزقيال 9/3).
ولما أصبح ركوبه على الكروبيم فعلاً معتاداً له – جلّ وعز-، ناجاه الملك
حزقيا مثنياً عليه بهذا الفعل: “صلى حزقيا أمام الرب، وقال: أيها الرب إله إسرائيل،
الجالس فوق الكروبيم، أنت هو الإله وحدك لكل ممالك الأرض، أنت صنعت السماء والأرض”
(الملوك (2) 19/15).
وهكذا فإن إسرائيل لودز في كتابه “نشأة التقدم في القرن الثامن”
(dec origins au milieu du 8 siecle) يرى
أن: “التصور الطبيعي ليهوه .. تصور أحيائي، وعلى صورة الإنسان، ويبدو أن يهوه
يملك نوعاً من الجسم الروحاني، وعلى كل حال؛ فإن له أعضاء شبيهة بأعضاء الإنسان، كالعيون
والآذان والفم والخياشيم والأيدي والقلب والأحشاء .. له بشكل خاص عقل وعواطف شبيهة
بمثيلاتها لدى الإنسان، ويتميز بشكل خاص بعنف الغضب إذا أسيء إليه”
في هذا الكلام تجهم !
أولاً في قوله ( وله عينان وأجفان)
إثبات العينين هو اعتقاد أهل السنة أما الأجفان فمما لا يثبت ولا ينفى
ولو ورد في خبر لآمن به أهل السنة ، إذ ليس مستحيلاً ولا ممتنعاً ومثل هذا لا يصلح
أن يكون دليلاً على تحريف العهد القديم
وقوله : ( وله شفتان) وهذا يقال فيه ما يقال في الأجفان ، فهذا مما لا
نثبته ولا ننفيه ولو ورد فيه نص شرعي لآمنا به ، وما كان هذا حاله لا يصلح أن يكون
دليلاً على تحريف العهد القديم
وقوله 🙁 وله رجلان ترى)
عقيدة أهل السنة أن الكرسي موضع القدمين وليس في هذا معنى مستنكر
وقوله : ( كما لا تمنع أن يكون له أذنان )
وهل هذا ممتنع عندك ؟! ، هذا مما يرد فيه نص بنفيه أو إثباته ولكن جعله
ممتنعاً هو اعتقاد الجهمية ولو ورد فيه نص لآمن به أهل السنة
وقال الدكتور منقذ في هذا الكتاب :”
وكذا تذكر الأسفار أن الله أمر نبيه يشوع بقتل جميع سكان مدينة عاي، ففعل
النبي بحسب الأمر، فحرق المدينة، وأفنى أهلها امتثالاً لهذا الأمر الرهيب: “تمتلكون
المدينة ويدفعها الرب إلهكم بيدكم. ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار،
كقول الرب تفعلون. انظروا. قد أوصيتكم … ودخلوا المدينة، وأخذوها، وأسرعوا، وأحرقوا
المدينة بالنار … وكان لما انتهى إسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقل في البرية،
حيث لحقوهم وسقطوا جميعاً بحد السيف، حتى فنوا … فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم
من رجال ونساء اثني عشر ألفاً، جميع أهل عاي، ويشوع لم يرد يده التي مدها بالمزراق
حتى حرّم جميع سكان عاي. لكن البهائم وغنيمة تلك المدينة نهبها إسرائيل لأنفسهم حسب
قول الرب الذي أمر به يشوع. وأحرق يشوع عاي، وجعلها تلاً أبدياً خراباً إلى هذا اليوم”
(يشوع 8/8-28)”
وصفه بالأمر المريع الله أعلم به ، فنحن لا نصدق هذه القصة ولا نكذب.
وقد يكون الله عز وجل قضى على
قرية أن تهلك بأسرها بيد نبي من أنبيائه كما أهلك سبحانه بعض القرى بالعذاب العام كما
حصل لقوم لوط وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب ، وعلى هذا لا يجوز وصف هذا الأمر ب( المريع
) فقد يكون أمر الله حقاً وله فيه حكمة
نعم في شرعنا لا يجوز قتل نساء المشركين إن لم تكن مقاتلة ، ولا يلزم من
هذا أن يكون هذا هو شرع جميع الأنبياء
الشاهد أن هناك حماساً عند بعض نقاد النصرانية أن ينتقدوا كل ما يرونه
عرضة للنقد في كتب اليهود والنصارى والواجب التحرز والاتزان لئلا نكذب بالصدق أو نصدق
بالكذب
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم