قال منقذ السقار في كتابه ضوابط التكفير :” وهكذا فالردة هي الرجوع
عن الإسلام بارتكاب ناقض من نواقضه القولية أو القلبية أو العملية، والردة صورة من
صور الكفر التي تدور بمجموعها حول التكذيب والجحود”
وهذا الحصر في التكذيب والجحود غلط
فإن هناك كفر الاستكبار وهذا كفر إبليس وإبليس لم يأته خبر حتى يصدق أو
يكذب وإنما جاءه أمر فاستكبر وهذا فرق جوهري بين حقيقة كفر التكذيب وكفر الاستكبار
وهناك كفر الإعراض الذي لا يصدق صاحبه الحق ولا يكذبه
قال شيخ الإسلام في التسعينية (5/166) :” والكفر أعم من التكذيب فكل
من كذب الرسول كافر، وليس كل كافر مكذباً، بل من يعلم صدقه، ويقر به وهو مع ذلك يبغضه
أو يعاديه
كافر، أو من أعرض فلم يعتقد لا صدقه ولا كذبه كافر وليس بمكذب”
وجاء في الرسالة المفيدة للإمام محمد بن عبد الوهاب ص45 :” فالكفر
كفران:
كفر يخرج من الملة وهو خمسة أنواع:
“النوع الأول” كفر التكذيب، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ
فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ}.
“النوع الثاني” كفر الإباء والاستكبار مع التصديق والدليل قوله
تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ
أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.
“النوع الثالث” كفر الشك وهو كفر الظن، والدليل قوله تعالى:
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ
أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ
خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي
خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ
رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً}.
“النوع الرابع” كفر الإعراض، والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ
كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}.
النوع الخامس” كفر النفاق، والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}”
تأمل قوله في كفر الاستكبار ( مع التصديق ) إذ لا تكذيب ولا جحود والجحود
هو تكذيب اللسان مع عدم تكذيب القلب
وهذه المسألة تحتمل بسطاً أكبر غير أن المراد هنا التنبيه خصوصاً وأن اللجنة
الدائمة قد انتقدت على بعضهم هذا الحصر
والعجيب أن بعض من ينشر فتيا اللجنة الدائمة ينشر أيضاً كتاب الدكتور منقذ
أيضاً فقط لأنه يوافقه في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ، فهي معقد الولاء والبراء
عندهم وكل ما وراءها يهون وربما تترسوا ببعض المسائل ولا يريدونها وإنما يريدون هذه
المسألة
وكنت قد أرسلت نصيحة للدكتور منقذ حول هذا الموضع قبل أكثر من خمس سنوات
فأعاد علي بتكرار الكلام مع زيادة توضيح تبين أنه معتقد لما كتب
وقبلها قد راسلته حول موطن ذكر فيه خبراً واهياً في كتابه دلائل النبوة
، فكان رحب الصدر وعدل الموطن
وبانتظار أن يعدل هذا الموضع أيضاً
والله الهادي للصواب
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم