موقف الإمام أحمد ممن آذاه

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ صَالِحًا ابْنَكَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَيُخْبِرُوهُ بِقِصَّةِ شَمْخَصَةَ، أَنَّهُ شَتَمَكَ وَقَدْ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ – وَكَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ – فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «قُلْ لَهُمْ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ
وَبَلَغَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ قَرَابَةً لَهُ حَبَسَ رَجُلًا فِي السِّجْنِ، فَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ، وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ” رَأَيْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ رَقَّ لَهَا قَلْبِي، أَوْ قَالَ: رَقَقْتُ لَهَا. قَالَتْ: ابْنِي حُبِسَ بِسَبَبِكَ، حَبَسَهُ شَمْخَصَةُ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالَ: لَوْ تَكَلَّمْتُمْ فِي أَمْرِهِ؟ قُلْتُ: قَدْ سَأَلَ أَصْحَابُنَا أَنْ أَذْهَبَ إِلَى فُلَانٍ، قَالَ: فَلَا تَذْهَبْ تُكَلِّمُ مَنْ يُكَلِّمُهُ عَلَى شَرْطِ، أَلَّا يَحْبِسَ مِنْهُمْ أَحَدًا

معنى القصة أن رجلاً سب أبا عبد الله _ أحمد ابن حنبل _ فذهب ابنه وبعض أقاربه واشتكوه للسلطان وأنكر أحمد ذلك عليهم ولما رأى أم المحبوس أنكر عليهم وشدد أن يخرجوه ورق قلبه لها

وهو بذلك مقتد بقصة ثابتة عن سفيان الثوري

قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ شَرِيكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: صَلَّيْتُ عِنْدَ الْمَقَامِ عِشَاءَ الْآخِرَةِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِنْدَ الْمَقَامِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا سُفْيَانُ، بِأَيِّ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّ أَنْ يُحْبَسَ ابْنِي بِسَبَبِكَ؟ وَكَانَ أَرَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: فَرَأَيْتُ سُفْيَانَ قَدْ قَامَ إِلَى الْمَقَامِ، فَإِذَا الْوَالِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: لِمَ تَحْبِسُ رَجُلًا بِسَبَبِي؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْأَمِيرُ: أَوْ قَالَ الْوَالِي – شَكَّ الْمَرْوَزِيُّ -: هَذَا اللَّيْلُ، وَبَابُ السِّجْنِ مُغْلَقٌ، قَالَ سُفْيَانُ: ” لَا أَبْرَحُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى تُخْرِجَهُ، قَالَ: «فَأَرْسَلَ وَجِيءَ بِالْمَفَاتِيحِ، وَفَتَحَ بَابَ السِّجْنِ، وَجِيءَ بِابْنِهَا، حَتَّى دُفِعَ إِلَيْهَا
جاء في سيرة الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح :” ثمَّ أخرج أبي رَحمَه الله لَيْلًا ومعنا حراس مَعَهم النفاطات فَلَمَّا اصبح واضاء الْفجْر قَالَ لي يَا صَالح مَعَك دَرَاهِم قلت نعم قَالَ أعطهم _ فأعطيتهم درهما درهما فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جعل يَعْقُوب يسير مَعَه فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الله ابْن الثَّلْجِي بَلغنِي انه كَانَ يذكرك
فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا يُوسُف سل الله الْعَافِيَة
فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الله أُرِيد أَن أودي عَنْك فِيهِ رِسَالَة إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فَسكت
فَقَالَ لَهُ إِن عبد الله بن إِسْحَاق اخبرني أَن الوابصى قَالَ لَهُ أَنِّي اشْهَدْ عَلَيْهِ انه قَالَ إِن احْمَد يعبد ماني فَقَالَ يَا أَبَا يُوسُف يَكْفِي الله
فَغَضب يَعْقُوب فَالْتَفت إِلَيّ فَقَالَ مَا رَأَيْت اعْجَبْ مِمَّا نَحن فِيهِ أسأله أَن يُطلق لي كلمة اخبر أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَا يفعل”

خلاصة هذه القصة العظيمة أن ابن الثلجي كان ينال من الإمام أحمد حتى نسبه للشرك وعبادة ماني وذلك في أيام المتوكل فجاء رجل من أصحاب أحمد له علاقة بالمتوكل يطلب الإذن من أحمد يبلغ المتوكل عنه فيعاقبه فيرفض أحمد ويقول يكفي الله

وهذه المواقف بعد أن جلد وعذب وحبس لم يحمله تعظيم نفسه على أن يتوحش ويفرط في الانتقام والعدوانية مع مشاهدته لتعظيم الشريعة وشدته على من خالف ثوابتها فالرجل متزن تماماً وأما اليوم فيكون كالريشة والمشكلة أنه يريد أن يحاسب أئمة الإسلام وفقاً لنفسيته المريضة وما أبريء نفسي