من الحكم الدارجة في زماننا قولهم: “الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى”
تذكرت هذه الحكمة وأنا أقرأ هذه الفائدة:
قال الذهبي في تاريخ الإسلام (20/ 232): “وفي المحرم انصرف الموفق من الجبل إلى بغداد مريضا، وكان به نقرس. وزاد مرضه فصار داء الفيل. وكان يبردون رجليه بالثلج، ويحمل على سرير، يحمله عشرون نفسا. فقال مرة للذين يحملون: لعلكم قد ضجرتم مني. وددت الله أني كأحدكم أحمل على رأسي وآكل، وأني في عافية.
وقال في مرضه: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح فيهم أسوأ حالا مني“.
هذا الخليفة كان يحكم نصف الدنيا أو أكثر أصابه مرض فكان يحمله مجموعة رجال من الخدم، فقال لخدامه ما معناه: “وددت لو كنت واحداً منكم وعندي صحة جيدة”.
تأمل كيف أن هذا الرجل مع كل ما عنده من المال والملك لمرض ألم به تمنى حال خدامه مع وجود العافية.
قال الترمذي في جامعه: “3514 – حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا عبيدة بن حميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب، قال: قلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل، قال: سل الله العافية، فمكثت أياما ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله، سل الله، العافية في الدنيا والآخرة.
هذا حديث صحيح، وعبد الله بن الحارث بن نوفل قد سمع من العباس بن عبد المطلب“.
هذا الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لجد الخليفة الموفق يذكرنا بعظيم نعمة العافية (في سند الخبر ضعف غير أنه في الفضائل).
وكم من نعمة نحن فيها تساوي الدنيا وما فيها لا نشعر بها لإلفنا لها وإنما نشعر بها إذا فقدناها، غير أن من تمام البصيرة أن نشهدها عند وجودها ونحمد الله عليها {لئن شكرتم لأزيدنكم}.