قال وحيد عبد السلام بالي في كتابه المشهور الصارم البتار ص106
:” قَالَ الْمَازِرِيّ : وَالصَّحِيح مِنْ جِهَة الْعَقْل أَنَّهُ يَجُوز أَنْ
يَقَع بِهِ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : وَالْآيَة لَيْسَتْ نَصًّا فِي مَنْع الزِّيَادَة
، وَلَوْ قُلْنَا إِنَّهَا ظَاهِرَة فِي ذَلِكَ . ثُمَّ قَالَ : وَالْفَرْق بَيْن السِّحْر
وَالْمُعْجِزَة وَالْكَرَامَة أَنَّ السِّحْر يَكُون بِمُعَانَاةِ أَقْوَال وَأَفْعَال
حَتَّى يَتِمّ لِلسَّاحِرِ مَا يُرِيد ، وَالْكَرَامَة لَا تَحْتَاج إِلَى ذَلِكَ بَلْ
إِنَّمَا تَقَع غَالِبًا اِتِّفَاقًا ، وَأَمَّا الْمُعْجِزَة فَتَمْتَاز عَنْ الْكَرَامَة
بِالتَّحَدِّي”
وأقر كلام المازري هذا وفي الحقيقة أن الكلام فيه نفثة أشعرية لم يتنبه
لها الشيخ عبد السلام
فاشتراط التحدي في المعجزة هو قول الأشاعرة
قال شيخ الإسلام في النبوات ص114 :” السابع أن آيات الأنبياء ليس
من شرطها استدلال النبي بها ولا تحديه بالإتيان بمثلها بل هي دليل على نبوته وان خلت
عن هذين القيدين وهذا كإخبار من تقدم بنبوة محمد فانه دليل على صدقه وان كان هو لم
يعلم بما أخبروا به ولا يستدل به وأيضا فما كان يظهره الله على يديه من الآيات مثل
تكثير الطعام والشراب مرات كنبع الماء من بين أصابعه غير مرة وتكثير الطعام القليل
حتى كفى أضعاف من كان محتاجا اليه وغير ذلك كله من دلائل النبوة ولم يكن يظهرها للاستدلال
بها ولا يتحدى بمثلها بل لحاجة المسلمين اليها وكذلك إلقاء الخليل في النار إنما كان
بعد نبوته ودعائه لهم الى التوحيد “
وهذا ومصطلح معجزة انتقده شيخ الإسلام في الجواب الصحيح
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح السفارينية :” قال بعض الناس : إن معجزات
السحرة لا تشتبه بآيات الأنبياء لأن آيات الأنبياء مقرونة بالتحدي ،
فنقول : هذا غير صحيح ،
لأن آيات الأنبياء تارةً تكون تحدياً وتارة تكون ابتداءاً بدون تحدي ،
فمجيء الصحابة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة الحديبية وقولهم
: يا رسول الله ليس عندنا ماء فدعا بإناءٍ فوضع أصابعه عليه فجعل الماء يفور من بين
أصابعه ،
هل في هذا تحدي ؟
أبداً ليس في هذا تحدي ما قالوا : ائتنا بآية ، شكوا إليه قلة الماء فجاءت
هذه المعجزة ،
وآيات الرسول كثيراً ما تأتي بغير تحدي ،
لما جاءه رجل ادعوا الله أن يغيثنا فدعا فأُغيثوا من قبل أن ينزل من منبره
وجاء في الجمعة الثانية وقال ادعوا الله أن يمسكها عنا فدعا فانفرجت السماء ،
هل في هذا تحدي ؟ لا “
وليعلم أن ظاهرة الأخطاء العقدية عند المتصدين للدعوة وكثرة ذلك سببه والله
أعلم ، أنهم لا ينفقون على تعلم العقيدة ما ينفقونه على تعلم الفقه أو الحديث أو الرقائق
فعامتهم يقنع ببعض المتون المختصرة في العقيدة
ثم لا يطلع على كتب شيخ الإسلام المطولة لحملة الدعاية الظالمة عليها بحجة
أن فيها فلسلفة ومنطق وغير ذلك
ولا يطلع على كتب السلف المتقدمة المسندة ، فربما حصل عنده ضعف تصور عن
الموقف من أهل البدع وخطورة تقريراتهم فتراه ينقل تقريرات الأشاعرة ومن سواهم في مسائل
عقدية وهو مطمئن القلب لعدم علمه بخطورة مذاهب هؤلاء وأن انحرافهم عن السنة يمتد إلى
جميع أبواب المعتقد تقريباً
هذا مع ما نشأ عليه هؤلاء من التحزب والتميع
من يرى مثل أحوال هؤلاء يدرك عميق فقه السلف في منهجهم في التعامل مع أهل
البدع
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم