موافقة الأشاعرة لعقيدة فرعون !

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال تعالى: ﴿وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري فأوقِدْ لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحًا لعلي أطَّلِع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين﴾ [القصص].

قال الطبري في تفسيره: “{لعلي أطَّلِع إلى إله موسى} يقول: انظر إلى معبود موسى، الذي يعبده، ويدعو إلى عبادته {وإني لأظنه} فيما يقول من أن له معبوداً يعبده في السماء”.

قد أحسن بعض الأخوة إذ ربط استهزاء هذا الأشعري بقول فرعون، والحق أن قوله أولى بالاستهزاء لو علم الناس حقيقته.

فقولهم: إن الملائكة ليسوا أقرب إلى الله من الشياطين حسياً، وإن أهل الجنة ليسوا أقرب إلى الله حسياً من أهل النار.

ولا ينفعهم أن العرش هو سقف جنتهم؛ لأن عرش إبليس الذي على الماء والعرش الذي فوق السماوات ليس واحداً منهما أقرب إلى الله من الآخر.

هذا ما يعنونه بقولهم: إن الله ليس له مكان.

ولا يشك عاقل أن قولهم هذا حقيقته تعطيل وجود رب العالمين، وأنه ليس موجوداً إلا في الذهن.

قال ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية»: “النصوص الدالة على الصعود إلى الله تعالى فإن الصعود إلى الله تعالى نوع من القرب وكما أن دلالات النصوص على ذلك من أعظم المتواترات فالعلم بها أيضاً مستقرٌ في فطرِ المسلمين عامتهم وخاصتهم كما استقر في فطرهم أن الله فوق كلهم مقرون بأن العبد قد يتقرب إلى الله وأن العباد منهم المقرب وهو الذي يقربه الله عز وجل إليه ومنهم الملعون الذي يبعده الله عز وجل عنه وكلهم يسمون الطاعات قربات ويقولون إنا نتقرب بها إلى الله وليس فيهم من ينكر بفطرته التقرب إلى الله إلا من غُيرت فطرته بنوع من التجهم والتعطيل”.

وقال أيضاً [8/172]: “فإنه يقول إنه يتقرب إليه وكذلك من أثبت أنه يقف عليه شيء أو يجيئه شيء أو أن عبده يلقاه أو يكون بينه وبين خلقه حجاب ونحو ذلك فإنه يقول إنه يتقرب إليه وفي القرآن مما فيه وصف ذهاب بعض الأشياء إليه نفسه أو صعودها إليه أو نزولها من عنده وما يشبه ذلك نحو خمسمائة آية أو أكثر وكل ذلك يدل على جواز التقرب إليه”.

ثم سرد هذه الآيات بسياق مبهر في عدة صحائف، من أرادها فليراجعها هناك.