من يدعي أن المالكية يكرهون النقاب يكذب عليهم
وإنما يعتمدون على كلمة في حاشية الدسوقي على شرح الدردير وهي ما يلي :” (وَ) كُرِهَ (انْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ مَا يَصِلُ لِلْعُيُونِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ“
فالكلام هنا على الانتقاب في الصلاة للمرأة وتحريها ذلك ومعلوم أن الصلاة لا تنتقب فيها المرأة وتخصيصه الصلاة بالذكر دليل على أن النقاب عند الخروج لا يكره
وفي نفس كتاب حاشية الدسوقي على الدردير :” (قَوْلُهُ: كَسَتْرِ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ إذَا خِيفَ الْفِتْنَةُ بِكَشْفِهَا“
وقال النفراوي الأزهري المالكي في الفواكه الدواني شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني :” الَّذِي يَقْتَضِيه الشَّرْعُ وُجُوبَ سَتْرِهَا وَجْهَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، لَا لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَا تُعُورِفَ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ أَنَّ كَشَفَ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا يُؤَدِّي إلَى تَطَرُّققِ الْأَلْسِنَةِ إلَى قَذْفِهَا، وَحِفْظُ الْأَعْرَاضِ وَاجِبٌ كَحِفْظِ الْأَدْيَانِ وَالْأَنْسَابِ وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ“
وهذا كلام رجل أزهري مالكي وفي عصرنا هذا يأتي حنبلي أصل مذهبه الوجوب للنقاب وقد رأى بعينيه أن كل حركات السفور والتبرج بدأت بالحديث عن النقاب بصورة تهييجية وإظهاره على أنه عبودية وخلاف التحرر وهذا الحنبلي مشهور الفتوى في بلاده الافتاء بالوجوب وأكثر من يتكلم عن هذا الليبراليون حتى إذا صنف هذا الحنبلي في وجوب تغطية الوجه والكفين جاء من يتهمه بالتحيز الفقهي على أنه ما زال الناس يرد بعضهم على بعض في الفقه دون هذه الاتهامات التي يسعد بها المتربصون من أعداء الدين ممن هذا الباحث وغيره سد منيع أمام مشاريعهم ، ولا أدري من أولى بالاتهام بالتحيز من له مشروع كامل في مقاومة الليبرالية في زمن تنمرها أم من له مشروع ظاهر جداً في محاباة الأهواء النسائية في زمن النسويات والليبرالية
وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير :” (غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) : وَأَمَّا هُمَا فَلَيْسَا بِعَوْرَةٍ. وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُهُمَا لِخَوْفِ فِتْنَةٍ“
وفي حاشية سليمان الجمل الأزهري الشافعي المتوفى عام 1204 على منهج الطلاب :” وَأُيِّدَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَنَعَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ لَا لِأَجْلِ وُجُوبِ السَّتْرِ عَلَيْهِنَّ لِذَاتِهِ بَلْ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً
وَفِي تَرْكِهِ إخْلَالٌ بِالْمُرُوءَةِ وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُنَّ أَيْ فَإِنْ عَلِمْنَ نَظَرَ أَجْنَبِيٍّ لَهُنَّ وَجَبَ عَلَيْهِنَّ السَّتْرُ وَهَذَا مَا قَالَهُ حَججّ وَضَعَّفَ شَيْخُنَا مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَنَعَ كَوْننَ وُلَاةِ الْأُمُورِ إنَّمَا مَنَعُوا مِمَّا ذُكِرَ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَا لِكَوْنِ السَّتْرِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ
وفي كتاب الخلاصة الفقهية لمحمد العربي القروي :” وَيحرم على الْمَرْأَة – يعني غب الإحرام -خَاصَّة أَمْرَانِ لبس الْمُحِيط بكبكف أَو أصْبع إِلَّا الْخَاتم فيغتفر لَهَا وَستر وَجههَا أَو بعضه إِلَّا لخوف فتْنَة“
وهذا يوسف الداجوي المالكي الأزهري وهو أشد أعداء السلفية في نجد له فتوى مطولة في هذا الموضوع قال من ضمنها “ إن الحكم الشرعي في هذا هو تحريم هذا التبذل وذلك السفور ، حتى أن من يبيح كشف الوجه والكفين من العلماء يجب أن يقول بالتحريم لما يفعله النساء الآن :
1- لأنهن لا يقتصرن على كشف الوجه واليدين كما هو معروف .
2- لابد عند ذلك القائل من أمن الفتنة ، والفتنة الآن غير مأمونة )
إلى أن قال : ( فالمسألة إجماعية لايختص بها إمام دون آخر من أئمة المسلمين ) . ( انظر : مقالات وفتاوى الشيخ يوسف الدجوي ، 2 / 798 – 802 ) .
وما صدر من مبروك عطية وقبله علي جمعة ليس ترجيحاً لقول فقهي بل هم خرقوا إجماع المسلمين وخالفوا المذهبية التي يرونها من خصائص الأزهر وينعى كثير من الأزهريين على بعض السلفيين عدم التزام المذهب وإنما هي حلقة من حلقات (التصوف الليبرالي) الذي تكلمت عنه في صوتية مستقلة .