من نفائس شيخ الإسلام : كل بدعة شرك

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي ص219:” وهو سبحانه إنما يعبد
بما شرع من الدين لا يعبد بما شرع من الدين بغير إذنه فإن ذلك شرك قال الله تعالى«أم
لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله» وقال تعالى: «شرع لكم من الدين ما
وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا
تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه» والدين الذي شرعه إما واجب وإما مستحب
فكل من عبد عبادة ليست واجبة في شرع الرسول ولا مستحبة كانت من الشرك والبدع”

فتأمل وصف شيخ الإسلام كل عبادة أحدثها الناس ولم يأذن بها الله ( وهذا
حد البدعة ) أنها ( شرك ) ، ولا يريد الشيخ تكفير أهل البدع فإن الشرك هنا هو الشرك
الأصغر ، وهناك من البدع ما هو مكفر مخرج من الملة

وقريب من قول شيخ الإسلام هذا قوله في اقتضاء الصراط المستقيم (2/36)
:” وهذه قاعدة قد دلت عليها السنة والإجماع ، مع ما في كتاب الله من الدلالة عليها
أيضا ، قال تعالى« أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ
بِهِ اللَّهُ» فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله ، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير
أن يشرعه الله فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكا
لله شرع له من الدين ما لم يأذن به الله “

وهذا الكلام من شيخ الإسلام فيه الرد على من زعم أن بعض البدع لا يفسق
فاعلها وإن أقيمت عليه الحجة أو كان داعية ، فكيف يكون الشرك لا يفسق فاعله

وكذلك فيه الرد على من قارن بعض المعاصي ، وبعض البدع وزعم أن بعض المعاصي
شرٌ من بعض البدع ، إذ كيف يكون الشرك _ وإن كان أصغراً _ دون المعاصي الشهوانية كالزنا
وأكل الربا وشرب الخمر

وممن بين أن البدع شرك – وإن كان ليس الشرك الأكبر – لأنها تشريع مع الله
الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب حيث قال في رسالته فضل الإسلام :” باب ما جاء
أن البدعة أشد من الكبائر

وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»

فاستدل بوعيد الشرك على البدعة ، لأن البدعة شرك

قال  ابن باز في شرحه لكلامه هذا :” والمعنى: أن البدعة أكبر
من الكبائر لأنها تنقص للإسلام وإحداث في الإسلام واتهام للإسلام بالنقص، فلهذا يبتدع
ويزيد. وأما المعاصي فهي اتباع للهوى وطاعة للشيطان فهي أسهل من البدعة وصاحبها قد
يتوب ويسارع ويتعض، أما صاحب البدعة فيرى أنه مصيب وأنه مجتهد فيستمر بالبدعة نعوذ
بالله، ويرى الدين ناقص فهو بحاجة إلى بدعته. ولهذا صار أمر البدعة أشد وأخطر من المعصية
قال تعالى في أهل المعاصي: «وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ». فأهل المعاصي
تحت المشيئة، وأما أهل البدع فذنبهم عظيم وخطرهم شديد لأن بدعتهم معناها التنقص للإسلام
وأنه محتاج لهذه البدعة ويرى صاحبها أنه محق ويستمر عليها ويبقى عليها ويجادل عنها
نسأل الله العافية”

واعلم أنه من أعظم الناس تناقضاً أولئك يدعون أنهم فيهم غيرةً على شرع
الله ، وعلى ما يسمونه ب( الحاكمية ) ، ثم هم يسكتون عن أهل البدع ، الذين يشرعون مع
الله عز وجل ، بل العامي إذا حكم بغير ما أنزل الله عز وجل ، في بعض المسائل فإنه لا
يكون مستحلاً في عامة أحواله ، ولا داعياً إلى ذلك بخلاف المبتدع ، فالمبتدع أولى بالرد
من أئمة الجور بل دلت النصوص على أن أئمة الجور يصبر عليهم ، وأما أهل البدع فيرد عليهم

قال شيخ الإسلام “وكذلك أهل السنة أئمتهم خيار الأمة وأئمة أهل البدع
أضر على الأمة من أهل الذنوب ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج ونهى
عن قتال الولاة الظلمة” (مجموع الفتاوى 7/284)

فكيف إذا اجتمع في المرء الأمران البدعة ، والحكم بغير ما أنزل الله بل
وتمجيد الديمقراطية وخلطها بالإسلام قسراً ، فهذا لا شك أنه اجتمع فيه شر عظيم ولا
يثني على مثل هذا ، إلا غاش للمسلمين

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم