قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/78) :” فصل إذا عرفت هذا فالناس
في هذين الأصلين وهما العبادة والإستعانة
أربعة أقسام
أجلها وأفضلها أهل العبادة والإستعانة بالله عليها فعبادة الله غاية مرادهم
وطلبهم منه أن يعينهم عليها ويوفقهم للقيام بها ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك
وتعالى الإعانة على مرضاته وهو الذي علمه النبي لحبه معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال
يا معاذ والله إني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن
عبادتك
فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب
وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا وعلى دفع ما يضاده وعلى تكميله وتيسير أسبابه
فتأملها
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال
العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين “
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (14/ 227) :” وَفِي قَوْله
تَعَالَى {فَمِنْ نَفْسِكَ} مِنْ الْفَوَائِدِ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَطْمَئِنُّ إلَى
نَفْسِهِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِمَلَامِ النَّاسِ وَذَمِّهِمْ؛ بَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ
أَنْ يُعِينَهُ عَلَى طَاعَتِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَنْفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعْظَمُهُ
دُعَاءَ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْهُدَى كُلَّ لَحْظَةٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ
مِنْ أَنْوَاعِ الْحَاجَاتِ”
وليعلم أن قوله تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فيه رد على الجبرية والقدرية
معاً على وجازته
فقوله ( إياك نعبد ) إثبات لفعل العبد خلافاً للجبرية
وقوله : ( إياك نستعين ) فيه أن العبد ليس مستقلاً بفعله عن إرادة الله
عز وجل كما يزعم القدرية الذين يزعمون أنهم يخلقون أفعالهم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم