من نفائس ابن القيم : لا يكون الرجل إماما للمتقين حتى يأتم بالمتقين

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن القيم في رسالته إلى أحد إخوانه ص11 :” وقد أثنى الله سبحانه
على عباده المؤمنين الذين يسألونه أن يجعلهم أئمة يهتدى بهم فقال تعالى في صفات عباده
والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما قال
ابن عباس يهتدى بنا في الخير وقال أبو صالح يقتدى بهدانا وقال مكحول أئمة في التقوى
يقتدي بنا المتقون وقال مجاهد اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم وأشكل هذا التفسير
على من لم يعرف قدر فهم السلف وعمق علمهم وقال يجب أن تكون الآية على هذا القول من
باب المقلوب على تقدير واجعل المتقين لنا أئمة ومعاذ الله أن يكون شيء مقلوبا على وجهه
وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله فإنه لا يكون الرجل إماما للمتقين حتى يأتم بالمتقين
فنبه مجاهد على هذا الوجه الذي ينالون به هذا المطلوب وهو اقتداؤهم بالسلف المتقين
من قبلهم فيجعلهم الله أئمة للمتقين من بعدهم وهذا من أحسن الفهم في القرآن وألطفه
ليس من باب القلب في شيء فمن ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه ووحد الله
سبحانه “

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (13/24) :” فمن
اتبع السابقين الأولين كان منهم وهم خير الناس بعد الانبياء فإن أمة محمد خير أمة أخرجت
للناس وأولئك خير أمة محمد كما ثبت فى الصحاح من غير وجه ان النبى قال خير القرون القرن
الذى بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

ولهذا كان معرفة أقوالهم فى العلم والدين وأعمالهم خيرا وأنفع من معرفة
أقوال المتأخرين وأعمالهم فى جميع علوم الدين وأعماله كالتفسير وأصول الدين وفروعه
والزهد والعبادة والأخلاق والجهاد وغير ذلك فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب
والسنة فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم ومعرفة اجماعهم ونزاعهم فى العلم والدين
خير وأنفع من معرفة ما يذكر من اجماع غيرهم ونزاعهم وذلك أن اجماعهم لا يكون الا معصوما”

فأين هذا التقرير ممن يشترط لمن يقول بقولهم أن يقول به من بعدهم فما زاد
على أن جعل من شرط اتباع الفاضل أن يوافقه المفضول ؟

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم