أخبرنا محمد بن عقيل النيسابوري قال أنا علي بن الحسين قال حدثني أبي قال حدثني يزيد النحوي قال حدثني عكرمة عن بن عباس قال : من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب قول { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب } فكان الرجم مما أخفوا
وهذا إسناد قوي ، وقد أنكر الرجم جماعة من الزنادقة قديماً وحديثاً من آخرهم مدنف الزندقة عدنان إبراهيم
واعلم وفقك الله لطاعته أن شبهة من رد الرجم بأنه غير وارد في القرآن شبهة داحضة سخيفة فإن أحاديث الرجم متواترة تواتراً معنوياً وأجمع أهل العلم على صحتها ، وقد كان الرجم في القرآن ونسخ تلاوة لا حكماً
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم في أربعة حوادث
الأولى : حادثة ماعز
الثانية : حادثة الغامدية
الثالثة : حادثة اليهوديين
الرابعة : حادثة العسيف
أما حادثة ماعز فرواها من الصحابة
1- ابن عباس
2- أبو سعيد الخدري
3- بريدة الأسلمي
4- جابر بن سمرة
وهؤلاء حديثهم في الصحيح
5- أبو برزة الأسلمي
6- نعيم بن هزال
وهذان حديثهما عند أبي داود في سننه
7- أبو هريرة
وهذا حديثه عند الترمذي في جامعه
فحديث ماعز وحده كاد أن يتواتر بل هذا في الحقيقة في معنى المتواتر لأن أكثر طرقه أجمعوا على صحتها وتنوع مخارج القصة يدل على أنها حصلت يقيناً
وأما حدثة الغامدية
فرواه عمران بن الحصين و بريدة الأسلمي
وأما حديث العسيف فرواه أبو هريرة وزيد بن خالد
وأما حديث رجم اليهودي واليهودية فرواه ابن عمر والبراء بن عازب وجابر بن عبد الله
فأحاديث الرجم التي من فعل النبي صلى الله عليه وسلم رواها قرابة اثني عشر صحابياً
وأما من قوله ففيه خبر عبادة بن الصامت في صحيح مسلم وخبر علي في رجم شراحة الهمدانية وهو صحيح
ورجم الخلفاء جميعاً فمن أنكر الرجم بعد ذلك فهو زنديق ، فهذا متواتر لا ينكره حتى الغلاة الذين يشترطون التواتر في قبول الأخبار
ويا ليت شعري أمر الرجم يتوقف عليه إنهاء حياة شخص معين فلو كانت هذه الروايات لا حقيقة لها لبان ذلك ولقيل أن فلاناً لم يمت بالرجم بل مات بكذا
وقال شيخ الإسلام [ كما في المجموع 20/399 ]: وقد ثبت الرجم بالسنة المتواترة وإجماع الصحابة . انتهى
وممن أنكر الرجم في هذا العصر محمد رشيد رضا ومحمد أبو زهرة وغيرهما من دعاة الضلالة
وقد انتقد محمد الغزالي هذا الموقف على أبي زهرة في دستور الثقافة الإسلامية ص86 حيث قال :” لم أر من قال ذلك -يعني إلغاء حد الرجم-؛ إلا نفر من المعتزلة والخوارج, جمهور المسلمين ضد هذا الرأي”
وأما محمد رشيد رضا وليس برشيد فقد كان أبعد غوراً ، فقد أرجع الأمر لاجتهاد وإذا رأى أن يرجم إذا رأى الناس قساة من باب معالجة الفساد في الأرض فله ذلك وله إلغاؤه صرح بذلك في مناره
وفي خصوص أحاديث الصحيحين فقد ادعى أنه لا يوجد مذهب من المذاهب المشهورة إلا وخالفت بعض أحاديث في الصحيحين
وهذه حجة مسفسط فلم ينكر أحد من أهل المذاهب المشهورة سواءً أهل الرأي أو أهل الحديث سنة بهذه الشهرة ، وإلزام المخالف بالتناقض ليس حجةً وإنما هي حجة عند بعض المغرورين المتأثرين بطريقة ابن حزم فبطلان قول مخالفك لا يعني صواب قولك ، وتناقضه إنما يعني بطلان أحد قوليه لا بطلانهما جميعاً
وهو نفسه مع إنكاره لهذه الأحاديث الصحيحة المتواترة ( وهذا عنوان الزندقة ) يحتج بأخبار منكرة سنداً إذا لزم لتأييد شيء في رأسه
فها هو يقول في المنار (16/900) :” وقد روى الحاكم هذا المعنى من حديث ابن عمر بلفظ آخر وهو : ( إن الله اختار من آدم العرب واختار من العرب مضر ومن مضر قريشا واختار من قريش بني هاشم ،واختارني من بني هاشم ، فأنا خيار من خيار ، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ،ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم ) ورُوِىَ أيضا من حديث أنس مرفوعا :(حب العرب إيمان وبغضهم نفاق ) وسند هذا ضعيف يؤيده ويقويه سائر الأحاديث في الباب مما تقدم وما هو في معناه كحديث ( لا يبغض العرب إلا منافق ) رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده عن علي كرم الله وجهه ، وحديث ( لا يبغض العرب مؤمن ) رواه الطبراني عن ابن عمر ، وحديث ( من أحب العرب فهو حبي حقًّا ) رواه أبو الشيخ عن ابن عباس .فهذه الأحاديث تدل على أن هؤلاء الذين عرفوا ببغض العرب كلهم من المنافقين المبغضين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم”
وهذه كلها أحاديث ضعيفة جداً لا تصلح للتقوية ، وإن كان أهل السنة قد أجمعوا على أن جنس العرب أفضل من غيرهم ، ولكن انظر إليه مع إنكاره للصحيح المتواتر الذي أجمع أئمة أهل الصنعة على صحته يحتج بما لا يرتاب عارف بعدم صحته
ولما بلغ حب الديمقراطية منه المبلغ تكلف الاعتماد على ما لا أصل له ونسبه إلى عثمان حيث قال في المنار (2/81) :” وظهر أثره في زمن عثمان عليه الرضوان فنسل الناس إليه من كل حدب
يلقون عليه تبعة ظلم عُماله ، وبرهن لهم على احترامه سلطة الشعب واعترافه
بسيطرته اللتين جاءتا من ذلك الروح بقوله على المنبر : ( أمري لأمركم تبع ( “
وهذه الرواية التي اعتمدها في تاريخ الطبري وفي سندها إسحاق بن يحيى بن طلحة وهو متروك فتأمل كيف ينكر الصحيح ويحتج بمثل هذا
بل يبلغ به التحاذق المبلغ حين يشكك في السنة بحجة أنها رويت بالمعنى ويا ليت شعري هل كل هذه الأحاديث في الرجم أو نزول المسيح أو في الدجال التي تنكرها أنت وأشياعك رويت بالمعنى ؟!
وما هو الرديف المعنوي لكلمة ( رجم ) والتي غلط الراوي وحولها رجماً ؟!
بل الرجم حادثة واقعية يروي فيها الرواة ما رأوه مع ما سمعوه فهل يروون ما رأوه أيضاً بالمعنى ؟
هذه قمة الاستخفاف بعقول العباد
والعجيب أن كلام محمد رشيد رضا السيء هذا وضعه طارق عوض الله فيما جمعه من كلام المحدثين وأسماه ( قواعد حديثية ) طبع في مجلدين ، فيا ليت شعري هل هذا الرجل أهل أن يذكر مع المحدثين وأنتم من رفع عقيرته ب( المتقدمين ) و( المتأخرين ) ، وإذا كان أهلاً فهل لم تجدوا من كلامه إلا هذا السم لتضعوه للمسلمين
وإن عجبي لا يكاد ينتهي من مشهور حسن الذي إذا ذكر محمد رشيد رضا قال ) الإمام السلفي ) كما في رسالته عن موقف السلفيين من القضية الفلسطينية
وإنني كما يعرفني إخواني لا أحب المداومة على كلمة ( شيخ ) قبل اسم الرجل إذ ليست من هدي السلف ومن وجد من معاذاً فليعذ به
غير أنني أستغرب ممن يستكثر على بعض السنة هذا اللقب ثم هو يلقب به أمثال محمد رشيد رضا وأحمد الغماري وعبد الله الغماري (دعاة الشرك ) ، ويوسف الداجوي ( داعية الشرك ) ومحمد أنور الكشميري ومحمد الكوثري أو بعضهم أو نظراؤهم ممن يدعو إلى الاشتراكية والشعوبية ووحدة الأديان ويقول بالمولد وغيرها من البلايا، بل ويعظم أمثال السبكي والرازي ويذكرون بالإمامة وأقل ما يذكرون به المشيخة
فهلا صغرتم من صغرته بدعته ، بدلاً من السعي الحثيث لتصغير أهل السنة
وقد ورد عن جماعة من السلف ( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ( ، واليوم لا يوقر صاحب البدعة بل يوقر الداعية بل ربما وقر الرأس وليس أي داعية داعية البدعة المكفرة ، بل ويصل التوقير إلى حد ( الإمام السلفي ) ! فليس سلفياً فقط بل إمام سلفي
وإذا تكلم في أشخاصهم أحد استكبروا عليه حتى كلمة ( شيخ ) وربما زعموا أنه غير متأصل
فهل أشخاصكم أجل من أسماء وصفاته ؟
وهل أشخاصكم أجل من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وهل أشخاصكم أجل من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي أنكرها محمد رشيد رضا وسيد قطب إلا القرآن ؟
فإذا احتملتم تأويل من تأول في هذه الأمور فهلا احتملتم تأويله في أشخاصكم ؟!
ويجعل من يستهزيء بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم محنة ، ولو استهزأ الرجل بنسب أحدهم لشنوا عليه حرباً ولقالوا أشد ما يمكن أن يقال
ومن الهين أن يقال في عثمان أنه وقع بدعة ، ولكن شيخي لا يقال فيه أنه وقع في بدعة ! ومن يقول هذا أدبج المقالات في الرد عليه
ورجل يكتب قصيدة في هجاء معاوية يخاطب بالإمامة ويحرص على تدريس كتبه ، ومن يهجو شخصاً معظماً فيهم يخمد ذكره ولا يذكر إلا بسوء
بل بلغ أن يوصف زنديق كعدنان إبراهيم ب( العلامة ) غفرانك اللهم
ولا يجوز في الحكمة الإلهية أن يعز من لم يعز أمر الله عز وجل ، بل الحكمة أن من فعل هذا يلبس سربالاً من الذل وقد جاءت بذلك الأخبار
وأحسب أن من أسباب ما يعانيه المسلمون الرئيسية تفريط كثير من المسلمين في أعراض الأخيار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتعظيم لأهل الأهواء والبدع بل ودعاة الشرك والزندقة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم