من دقة المحدثين التي تملأ قلبك ثقة بما نقل لك من سنة النبي ﷺ.
قال أبو داود في سننه 975 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَاانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَمَّا بَعْدُ، أَمَررَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، أَوْ حِينَ انْقِضَائِهَا، فَابْدَءُوا قَبْلَ التَّسْلِيمِ [ص:257]، فَقُولُوا: «التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالْمُلْكُ لِلَّهِ، ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى الْيَمِينِ، ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى قَارِئِكُمْ، وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كُوفِيُّ الْأَصْلِ كَانَ بِدِمَشْقَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «دَلَّتْ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ سَمُرَةةَ
هذا الكلام من أبي داود قد يستغربه البعض إذ لا يوجد ذكر للحسن في السند فما علاقة هذا الحديث بإثبات سماع الحسن من سمرة
يشرح كلام أبي داود صاحب عون المعبود
قال في ” عون المعبود “:
(وفي سنن أبي داود في باب اتخاذ المساجد في الدور: عن سمرة بن جندب أنه كتب إلى بنيه: (أما بعد فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. . .) الحديث فثبت أنه كان عند أبناء سمرة صحيفة من سمرة، وأنهم جمعوا ما كتب إليهم سمرة فصارت هذه المكاتيب بمنزلة الصحيفة والكتاب.
وأما قول المؤلف: (دلت هذه الصحيفة. . .) فوجه دلالتها وتعلقها بالباب أن هذا اللفظ الذي رواه سليمان بن سمرة عن أبيه بقوله (أما بعد فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. .) من ألفاظ الصحيفة التي أملاها سمرة ورواها عنه ولده سليمان، فأراد أبو داود أن سليمان بن سمرة كما صح سماعه من أبيه بهذه الصحيفة وغيرها كذلك الحسن البصري صح سماعه بهذه الصحيفة وغيرها من سمرة؛ لأن كلا منهما أي سليمان بن سمرة وكذا الحسن بن يسار من الطبقة الثالثة، فدل ذلك أن الحسن سمع من سمرة كما أن سليمان بن سمرة سمع من أبيه سمرة؛ لأنهما من الطبقة الثالثة فلما سمع سليمان من أبيه سمرة فلا مانع أن يكون الحسن سمع منه، وأن أبا داود من القائلين بأن الحسن البصري ثبت سماعه من سمرة”
لكي تعرف دقة المحدثين وشدة المنهج الحديثي الإسلامي اعلم رحمك الله أن الحسن البصري ولد في آخر خلافة عمر وقد تربى في بيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى قيل أنها أرضعته لأن أمه كانت خادمة عندها
وفقاً لأي منهج تاريخي معاصر حكاية الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم تعتبر مقبولة لأنه ولد بعد وفاته بمدة وجيزة ولأنه تربى عند زوجته فأي مؤرخ مجرد أن يكون معاصراً فإن ذلك يجعل روايته مقبولة عند الباحثين المعاصرين
ولكن المحدثين لا يقبلون مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه علموا أنه قد يروي عن غير ثقة بل وصل بهم الأمر أنه إذا روى عن صحابي أدركه وعاصره عن النبي صلى الله عليه وسلم
فإنهم يشددون في بحث سماع الحسن من هذا الصحابي كما ترى هنا في نقاشهم في سماع الحسن من سمرة وقد أدرك سمرة بل وسمع منه حديث العقيقة إجماعاً ولكن وقع النزاع هل سمع منه غير هذا الحديث
وظهر أنه يروي عن صحيفة لسمرة ولم يقنع بذلك عدد من المحدثين هل هذه الصحيفة معتمدة عن سمرة أم لا ، فهنا أبو داود يذكر لهم قرينة أن سمرة له صحائف معتمدة عند أولاده فدل ذلك على أنه كان يكتب للناس فلا يبعد أن يكون الحسن حمل عن هذه وقد نظرت في أحاديث الحسن عن سمرة فوجدت معظمها له شواهد ثابتة ومع ذلك تجد القوم يدققون كل هذا التدقيق وبسبب هذا الخلاف في سماع الحسن من سمرة لم يخرج البخاري شيئاً من أحاديث الحسن عن سمرة احتياطاً مع أنه يصحح سماعه منه وفقط أشار إلى حديث العقيقة الذي اتفقوا على أن الحسن سمعه من سمرة ( وتأمل الدقة كيف يفرزون حديث الراوي عن الشيخ فيقولون سمع هذا والبقية صحيفة أو سمع هذا ولم يسمع هذا )