فإن مما لا يتنازع فيه أهل العلم أن الشافعي هو أحد المجددين ،
والتجديد يكون بقمع البدعة وإظهار السنة وقد سمي الشافعي ناصر السنة
والسبب في ذلك أنه كان يرد على أهل
الرأي ، وأظهر تناقضهم وتاب كثيرون من مذهب أهل الرأي بسبب الإمام الشافعي _ رحمه
الله _ وأما أهل الكلام فكان يكره التصنيف في الرد عليهم لما يرى من شناعة كلامهم
وخمود قولهم آنذاك
وهنا اعترافان لرجلين كانا من أهل الرأي
وتابا بعد لقيا الشافعي وهما أبو ثور والكرابيسي وقد زاد بعضهم ذكر إسحاق بن
راهوية
قال أبو نعيم في الحلية (9/103) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ، نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ
إِلَيَّ، قَالَ: قَالَ أَبُو ثَوْرٍ:
كُنْتُ أَنَا وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ،
وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ مَا تَرَكْنَا بِدْعَتَنَا حَتَّى
رَأَيْنَا الشَّافِعِيَّ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: وَحَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ:
لَمَّا وَرَدَ الشَّافِعِيُّ الْعِرَاقَ جَاءَنِي حُسَيْنٌ
الْكَرَابِيسِيُّ – وَكَانَ يَخْتَلِفُ مَعِي إِلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
فَقَالَ: قَدْ وَرَدَ رَجُلٌ
مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يَتَفَقَّهُ، فَقُمْ بِنَا نَسْخَرُ بِهِ.
فَذَهَبْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ الْحُسَيْنُ عَنْ
مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يَزَلِ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ، وَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ حَتَّى أَظْلِمَ عَلَيْنَا الْبَيْتُ فَتَرَكْنَا بِدْعَتَنَا،
وَاتَّبَعْنَاهُ .
وقولهم ( فتركنا بدعتنا ) يدل على
المتقرر عندهم في أهل الرأي آنذاك من أنهم من أهل البدع
وقال الآبري في مناقب الشافعي 60- سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن قدامة الأردبيلي -قدم علينا نصيبين غازياً- قال: سمعت سعيد بن عمرو البرذعي يقول:
((وردت الري فدخلت على أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وأخبرته بقول أحمد بن حنبل فقلت: يا أبا زرعة سمعت حميد بن الربيع يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
ما أعلم أحداً أعظم منةً على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي.
فقال أبو زرعة: صدق أحمد بن حنبل، ما أعلم أحداً أعظم منةً على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، ولا أحداً ذب عن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما ذب الشافعي، ولا أحداً كشف عن سوءات القوم كشفه))
وأبو زرعة يعني بالقوم أهل الرأي ولا شك
قال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل
عليها إجماع أهل عصره :” وأهل الرأي مبتدعة ضلال “
وكل من يقول أن الفرقة الناجية والطائفة
المنصورة هم أهل الحديث فإن حقيقة قوله إخراج أهل الرأي من هذا المسمى
والناظر في كتاب الرسالة للشافعي يجد
أنه كان يأتي على أصول أهل الرأي شيئاً فشيئاً ينقضها ، وأما في كتاب الأم فكان
تقرير فروع المسائل وأفرادها كل مسألة بدليلها على ما رسم في الرسالة
وعدد ممن يجمعون كلام الشافعي في أصول
الدين أو في أصول الاستدلال يأتون إلى كلامه الذي قاله في النقض على أهل الرأي
فينزلونه على أهل الكلام ولا شك أنه ينزل على أهل الكلام من باب أولى ولكن سبب
الورود أولي الدخول
وهذا الباب من تجديد الشافعي يحتاج إلى
تجديد اليوم !
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم