من براهين أن المحدثين لم يتعاملوا بحسن ظن مع الرواة بل قل إن شئت تعاملوا بسوء ظن حتى يثبت العكس
أ- الراوي المجهول الأصل في حديثه عدم القبول
ب- الراوي المختلط الذي لم يتميز من سمع منه قبل الاختلاط ممن سمع منه بعده يضعف حديثه
ج- الراوي الثقة الذي يروي عن شيخ لم يسمع منه أن حديثه منقطع والأصل تضعيفه
وهناك أدلة أخرى كثيرة ومن أدلة الدقة
أ- تضعيفهم لرواة معروفين بالصلاح والفقه مثل ابن أبي ليلى وَعَبَد الله العمري وشريك بعد تولي القضاء مع توثيقهم لبعض المنسوبين للبدع
ب- تضعيفهم لبعض الرواة في حديثه عن أهل بلد معين أو شيخ معين وقبوله عن آخرين مما يدل على الدقة في الدراسة والفرز
ج- اهتمامهم بأخطاء الثقات في علم العلل
د- تمييزهم لتواريخ اختلاط بعض الرواة ومن روى عنه قبله ومن روى عنه بعده
ه- لم يجعلوا الثقات كلهم على مرتبة واحدة ولا الضعفاء على مرتبة واحدة بل ميزوا بين الثقة الثبت والثقة فقط والصدوق والصدوق الذي يهم والضعيف والضعيف جدا ومن يتعمد الكذب ومن لا يتعمده
وهناك غيرها كثير
ومن أدلة أنهم لا يصححون فقط اذا أعجبهم المتن
أنك تجد ابن الجوزي في كتاب الموضوعات يعقد كتابا في الأحاديث الموضوعة في فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضائل الصحابة أيضا وهو ينقل كلام المحدثين
وهذا ابن كادش وضع حديثا في فضل أبي بكر الصديق فاستتابوه حتى تاب
وَمِمَّا جرحوا فيه يزيد الرقاشي أنه كان يخلط فيأخذ كلام الحسن البصري ويرويه عن أنس عن رسول الله ،ومعلوم أن الحسن من الزهاد البلغاء فعامة كلامه المنقول طيب ومستحسن ومع ذلك رفض المحدثون أن يختلط بحديث رسول الله
قال مسلم في مقدمة صحيحه حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ، «أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ الْمَدَنِيَّ، كَانَ يَضَعُ أَحَادِيثَ كَلَامَ حَقٍّ، وَلَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يَرْوِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لاحظ أنه كان يضع كلام حق وينسبه للنبي صلى الله وعليه وسلم ومع ذلك كشفوا وهتكوا ستره بحسب المقاييس الدقيقة
وهذا الاحتياط إلى درجة تقديم السوء الظن بالرواة حتى يثبت العكس والدقة والإنصاف الظاهر هي بعض مناقب علماء الجرح والتعديل وبينات خيرية هذه الأمة وعلو درجة النقل فيها ووثاقة مصادرها وكونه المنهج الأقوى في تاريخ البشرية.