فمن مفردات مذهب الإمام أحمد القول بأن الحجامة تفطر الصائم ويحتج لذلك
بحديث ( أفطر الحاجم والمحجوم )
وقد وجدت قياساً لطيفاً لبعض متقدمي الحنابلة في تأييد هذا القول
قال أبو المواهب العكبري في رؤوس المسائل الخلافية (1/ 402) :
” ولأنه استدعى نجاسة من بدنه على وجه منهي عنه ، وهنا يختص بالصوم
فوجب أن يفطر أصله “
فحقيقة هذا القياس هو الحجامة كالاستقاءة فالحجامة إخراج نجس وهو الدم
والاستقاءة إخراج نجس وهو القيء
والدم نجس في قول عامة أهل العلم وكذلك الاستقاءة مفطرة عندهم فيلزمهم
بهذا ، وقد يرد الجمهور على قياسه بأن القيء خرج من مخرج الطعام والدم ليس كذلك ، وربما
يجيب هو بأن هذا الفرق غير مؤثر
ومن المسائل الخلافية مسألة المزارعة – على قسم معين من الأرض – وهي أن يزرع
رجل أرض رجل آخر على أن المحصول بينهما بالنسبة كالثلث والثلثان أو مناصفة
وقد منع منها جماعة من أهل العلم لأنهم رأوها من باب الغرر فإن ما يخرج
من الأرض لا يدرى كم هو فصارت مؤاجرة على مجهول وهذا ممنوع منه
وقد احتج الحنابلة على حل هذه المعاملة بالأثر والنظر ونصر شيخ الإسلام
قولهم نصراً مؤزراً
ومما قاله شيخ الإسلام في القواعد النورانية ص167 :
” الوجه الثاني أن هذه من جنس المضاربة فإنها عين تنمو بالعمل
عليها فجاز العمل عليها ببعض نمائها كالدراهم والدنانير والمضاربة جوزها الفقهاء الفقهاء
كلهم اتباعا لما جاء فيها عن الصحابة رضي الله عنهم مع أنه لا يحفظ فيها بعينها سنة
عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد كان أحمد يرى أن يقيس المضاربة على المساقاة والمزارعة
لأنها تبتت بالنص فتجعل أصلا يقاس عليه وإن خالف فيها من خالف وقياس كل منهما على الآخر
صحيح فإن من ثبت عنده جواز أحدهما أمكنه أن يستعمل فيه حكم الآخر لتساويها”
فهنا قاس أحمد المزارعة على المضاربة ، والمضاربة هي أن تدفع لشخص مالاً
ليتاجر فيه والربح بينكما قسمة بالنسبة
وقياس المضاربة على المزارعة من أبدع القياس وأقواه فرحم الله الإمام
أحمد ما أفقهه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم