من أعظم أسباب الضلال : البعد عن آثار الصحابة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى
(7/ 436) :

” ومن آتاه الله علما وإيمانا علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق
إلا ما هو دون تحقيق السلف لا فى العلم ولا فى العمل .

ومن كان له خبرة بالنظريات والعقليات وبالعمليات علم أن مذهب الصحابة دائما
أرجح من قول من بعدهم .

وأنه لا يبتدع أحد قولا في الإسلام إلا كان خطأ وكان الصواب قد سبق إليه
من قبله “

فمعرفة قولهم هو المعيار لمعرفة البدعة من السنة فما خرج عن أقوالهم فهو
بدعة ، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بجمع آثارهم والعناية بها

قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي :” وكلام هذا وأمثاله يدل على
أنهم بعيدون عن معرفة الصواب في هذا الباب كأنهم غرباء عن دين الاسلام في مثل هذه المسائل
لم يتدبروا القرآن ولا عرفوا السنن ولا آثار الصحابة ولا التابعين ولا كلام أئمة المسلمين
وفي مثل هؤلاء قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بدأ الاسلام غريبا وسيعود
غريبا كما بدأ”

فجعل من أسباب ضلال الأخنائي بعده عن آثار السلف

وقال شيخ الإسلام في درء التعارض (3/ 348) :” الوجه الثاني أن يقال
التفاسير الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان تبين أنهم إنما كانوا
يفهمون منها الإثبات بل والنقول المتواترة المستفيضة عن الصحابة والتابعين في غير التفسير
موافقة للإثبات .

ولم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين حرف واحد يوافق قول النفاة .

ومن تدبر الكتب المصنفة في آثار الصحابة والتابعين بل المصنفة في السنة
من كتاب السنة والرد على الجهمية للأثرم ولعبد الله بن أحمد وعثمان بن سعيد الدارمي
ومحمد بن إسماعيل البخاري وأبي داود السجستاني وعبد الله بن محمد الجعفي والحكم بن
معبد الخزاعي وحشيش بن أصرم النسائي وحرب بن إسماعيل الكرماني وأبي بكر الخلال ومحمد
بن إسحاق بن خزيمة وأبي القاسم الطبراني وأبي الشيخ الأصبهاني وأبي أحمد العسال وأبي
نعيم الأصبهاني وأبي الحسن الدارقطني وأبي حفص بن شاهين ومحمد بن إسحاق بن منده وأبي
عبد الله بن بطة وأبي عمر الطلمنكي وأبي ذر الهروي وأبي محمد الخلال والبيهقي وأبي
عثمان الصابوني وأبي نصر السجزي وأبي عمر بن عبد البر وأبي القائم اللالكائي وأبي إسماعيل
الأنصاري وأبي القاسم التيمي وأضعاف هؤلاء رأى في ذلك من الآثار الثابتة المتواترة
عن الصحابة والتابعين ما يعلم معه بالاضطرار أن الصحابة والتابعين كانوا يقولون بما
يوافق مقتضى هذه النصوص ومدلولها وأنهم كانوا على قول أهل الإثبات المثبتين لعلو الله
نفسه على خلقه المثبتين لرؤيته القائلين بأن القرآن كلامه ليس بمخلوق بائن عنه

وهذا يصير دليلا من وجهين أحدهما من جهة إجماع السلف فإنهم يمتنع أن يجمعوا
في الفروع على خطأ فكيف في الأصول

الثاني من جهة أنهم كانوا يقولون بما يوافق مدلول النصوص ومفهومها لا يفهمون
منها ما يناقض ذلك

ولهذا كان الذين أدركوا التابعين من أعظم الناس قولا بالإثبات وإنكارا
لقول النفاة .

كما قال يزيد بن هارون الواسطي من قال إن الله على العرش استوى خلاف ما
يقر في نفوس العامة فهو جهمي وقال الأوزاعي كنا والتابعون متوافرون نقر بأن الله فوق
عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته

الثالث أن من له عناية بآثار السلف يعلم علما يقينيا أن قول النفاة إنما
حدث فيهم في أثناء المائة الثانية وأن أول من ظهر ذلك عنه الجعد ابن درهم والجهم بن
صفوان وقد قتلهما المسلمون وكلام السلف والأئمة في ذم الجهمية أعظم وأكثر من أن يذكر
هنا حتى كان غير واحد من الأئمة يخرجهم عن عداد الأمة”

والأمر كما قال الشيخ كل من كان له معرفة بآثار الصحابة والتابعين تبين
له شدة ضلال المعطلة ومباينة قولهم لظواهر النصوص وما جاءت به الأنبياء وما كان عليه
الصالحون

وقال شيخ الإسلام كما في جامع المسائل ت عزيز شمس ( 5/158) :” فإنما
ظهرت البدع والفتن لما خفيت آثار الصحابة. فإنهم خير قرون هذه الأمة وأفضلها، رضي الله
عنهم وأرضاهم”

فإذا كانت الفتن ظهرت عندما خفيت آثار الصحابة ، فإخمادها يكون بإظهار
آثار الصحابة

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (6/52) :” و أما الجوينى ومن
سلك طريقته فمالوا الى مذهب المعتزلة فإن أبا المعالي كان كثير المطالعة لكتب أبي هاشم
قليل المعرفة بالاثار فاثر فيه مجموع الامرين “

والجويني من أول من جنح بالأشاعرة إلى الاعتزال المحض ، فانظر إلى قلة
المعرفة بالآثار وما تؤدي إليه من نتائج كارثية ، وقد تبعه على هذا الضلال عامة الأشاعرة
الذين نعاني منهم

وسبحان الله أكثر من يضل في هذا العصر إنما يضل بمجموع الأمرين

قلة المعرفة بالآثار ، والتلقي عن المصادر غير الموثوقة

وتأمل في حال كل مبتدع تعرفه تجد هذا فيه جلياً

وإن من انتكاسة القلوب أن يعكس الأمر فيجعل التمسك بآثار السلف سبباً للضلال
! ، أو علامة من علامات أهل البدع .

 وما رأينا أحداً على مدى القرون
ممن يذكر بخير عاب على من تمسك بالأثر

قال شيخ الإسلام في قاعدة في الفرق عبادات أهل الإسلام وعبادات أهل الإشراك
ص102 :” ومثل هؤلاء موجودون في زماننا ، يكون شيخ أحدهم أعظم في صدره من الله
، بحيث يسب الله ويشتمه إذا فعل بشيخه مكروها ، كما جرى مثل هذا لطائفة بعد طائفة ومن
سب شيخه حاربه ، ومن سب الله سالمه “

وأقول تجاوباً مع كلمة الشيخ : ومن الناس في زماننا من يعتقد في شيوخه
أنهم أعلم من الصحابة وأنهم أولى بالتعظيم من السلف .

 بدليل أنه يعتبر مخالفة شيوخه
مطلقاً طعن ولا يعتبر مخالفته للصحابة والتابعين طعناً .

 ويجعل كلام شيوخه حاكماً على كلام
الصحابة ، ويجعل كلام السلف مهما كان واضحاً أبداً مشكل ومن ينظر فيه يضل ، وكلمات
السلف مهما كانت واضحة وبينة ومتواطئة فهي مشكلة بحاجة إلى إيضاح ( تحريف ) ولا يقول
هذا في كلام شيوخه .

 ويجعل الهدى كل الهدى في تقليد
شيوخه في كل ما قالوا .

 ومن الحركيين وأشباههم من يؤاخي
من يسب الصحابة ، ولا يؤاخي من يسب تنظيمه أو شيوخه فالتنظيم أعظم من الصحابة في نفوسهم

والعجيب أن أصحاب هذه الأحوال يدعون السلفية ويدعون ( الأثرية )

 ولا أدري إلى أي سلف ينتسبون وأي
أثر يتبعون

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم