فمن المسائل المهمة جداً مسألة الدعاء في الصلاة
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن المصلي لا يجوز له الدعاء بغير الأدعية الواردة
في القرآن ، وهذا القول رواية في مذهب أحمد لم يذكر ابن الجوزي غيرها في التحقيق ،
وذكر ابن قدامة في المغني رواية أخرى تبيح الأدعية من غير القرآن
ومذهب أبي حنيفة عدم جواز الدعاء في الصلاة بغير ما في القرآن ، إلا أن
يكون يشبه الأدعية الواردة في القرآن
وقد وقفت مناظرة لطيفة صحيحة الإسناد بين الشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني
صاحب أبي حنيفة في هذه المسألة ، وقد انتصر فيها الشافعي لمذهبه بجواز الدعاء بأي دعاء
كان ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص123 ط دار الكتب العلمية :
” وحدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الحكم ثنا الشافعي قال : ذكرت
لمحمد بن الحسن الدعاء في الصلاة فقال لي : لا يجوز أن يدعى في الصلاة – من الدعاء
– إلا بما في القرآن ، أو ما أشبهه
فقلت له : فإن قال رجل : أطعمني قثاءً وبصلاً وعدساً ، أو ارزقني ذلك ،
أو أخرجه لي من أرضي ، أيجوز ذلك ؟ قال : لا
قلت : هذا في القرآن ! ، فإن كنت إنما تجيز ما في القرآن خاصة ، فهذا في
القرآن ، وإن كنت تجيز غير ذلك فلم حظرت شيئاً وأبحث شيئاً ؟!
قال : فما تقول أنت ؟
فقلت : كل ما جاز للمرء أن الله به في غير صلاته ، فجائزٌ أن يدعو الله
به في صلاته ، بل أستحب ذلك له ، لأنه موضع يرجى سرعة الإجابة فيه ، وإنما الصلاة القراءة
والدعاء ، وإنما عن الكلام أن يكلم الآدميون بعضهم بعضاً ، في غير أمر الصلاة
“
أقول : وكلام الشافعي الأخير فيه الرد على من احتج بحديث معاوية بن الحكم
السلمي في صحيح مسلم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم :”
إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ
، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ”
على المنع من الدعاء في الصلاة
بغير ما في القرآن الكريم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم