من الفروع الفقهية العجيبة في هذا السياق ما ذكره عدد من فقهاء الشافعية وهو مذهبهم أنه لا يجوز لمالك الأمة أن يزوجها بغير كفء لها كمجدور أو مجبوب وهناك رواية في مذهب أحمد أنه لا يجوز مطلقاً بغير رضاها
قال في تحفة المحتاج :”(وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ) الَّتِي يَمْلِكُ جَمِيعَهَا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ عَلَى النِّكَاحِ لَكِنْ مِمَّنْ يُكَافِئُهَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ رِضَاهَا”
وهذا حتى لو كان كافرة وجاء في تحفة المحتاج في سياق تزويج الأمة :” بِمَعِيبٍ كَأَجْذَمَ وَأَبْرَصَ وَمَجْنُونٍ، فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهَا”
وأحد الأوجه في مذهب الشافعي أن تزويج الرجل لأمته عقد ولاية ومقتضاه أنه إذا كان فاسقاً فلا حق له في التزويج
جاء في العزيز للرافعي:
“والثاني: أنه بالولاية؛ لأن عليه النَّظَرَ ورعَايَةَ الْحَظِّ لها؛ ألا ترى أنه لا يجُوزُ تزوْيجُها من مجنون بغَيْر رضَاها.
وَيتَفَرَّعُ علَى هذا الأصلِ صُوَرٌ.
منها: إذا سَلَبْنَا الْوِلاَيَةَ بالفسْق، فالفاسقُ لا يزوج أمَتَهُ، إذا جعلنا هذا التزويجَ بالولاية”
وأيضاً يجوزون لها الخلع ولو بدون إذن سيدها ولا تنس أن الرق ليس حكماً اضطرارياً من كل وجه بل هو إجباري من وجه اختياري من آخر فهناك المكاتبة ( وإذا كاتبت فليس له وطئها إلا أن تشرط له ذلك ولا بيعها ولا تزويجها ) وهناك العتق وإذا أسلمت كان عتقها في الكفارات من أعظم القربات وإذا عذبت أو ضربت على وجهها وجب العتق فيها في مذهب مالك والقصاص في رأي الكوفيين في غير ضرب الوجه وضرب الوجه وردت أحاديث في العتق فيه
وهذا كله لا وجود له في الرق الجاهلي العربي أو الرومي أو الفارسي أو اليهودي ولا الرق الأوروبي الذي أزاله لنكولن ظاهرياً
وتعال وتصور معي ما يلي : امرأة من الروم القدامى أو الفرس ممن كان قومها غالبين على الدنيا وعندها جواري في بيتها يخدمنها وكان قومها إذا ذهبوا للغزو تذهب معهم معاونة وإذا جلست في المدينة وعادوا فرحت بهم وهللت وحمدت الله على سلامتهم وغنيمتهم وتفخر بأجدادها وغزواتهم والتي كان يتخللها السبي بل والسلب والنهب وكل شيء فهي منتفعة بهذه المنظومة مؤيدة لها ، أو امرأة غربية في إحدى الدول الاستعمارية كانت جزءاً من المنظومة الاستعمارية بكل ما فيها أو منظومة إبادة السكان الأصليين في أمريكا وأستراليا وانتفعت بذلك ثراء ورفاهية
فدارت الأيام وسلط الله عليهم المسلمين وسبيت هي هذه المرأة وصارت خادمة بعد أن كانت مخدومة فجاء المسلم الذي سباها إلى فقهاء مسلمين من المذاهب المشهورة
فقال لهم : إنني وجدتها بغير دين فهل لي أن أطأها ؟ فأجابوه جميعاً : مشهور مذهبنا المنع من ذلك حتى تكون كتابية فالله يقول : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) ونقل عليه ابن النحاس وابن عبد البر وابن قدامة الاتفاق وما خالفه من الأحاديث له توجيه
فقال المسلم : ولكن قومها لما حاربونا ما تنزهوا عن المسلمات أما بلغكم فعل نابليون فيما ذكر الجبرتي من تاريخه إذ أخذ نساءً مصريات فاضلات وجعلهن بغايا في فرنسا فيما ذكر الجبرتي في تاريخه نكالاً بالمسلمين فأين هذا من مسيس رجل واحد بعد الاستبراء وهي في ضمانه ينفق عليها ويطعمها
فقالوا جميعاً : بلغنا ولكننا ملتزمون بشريعة فقال لهم : فهل لي أن أضربها على وجهها أو أكلفها من العمل ما لا يطاق في العادة لأشفي غليلي من القوم فقال له الفقيه الشافعي : إن فعلت هذا عزرناك ففي مذهبنا من كلف رقيقه ما لا يطيق عزر والضرب على الوجه نهى عنه نبيك الرحمة المهداة
فقال لهم : فهل يجوز تزويجها من رجل مجذوم مشوه الخلقة فقد قتلوا نساءنا وسجنوا منهن من سجنوا وفعلوا أموراً يندى لها الجبين وما كانت هذه إلا امرأة منهم مقرة لهم على كل هذا منتفعة بما يجنون من المال والخير فقال له الفقهاء : لا يجوز هذا وما كان الرفق في شيء إلا زانه ومحمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا لا هم
قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي, [1/6/18 9:50 PM]
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (4/277) :” وَوُجُوبُ الْجِهَادِ وُجُوبُ الْوَسَائِلِ لَا الْمَقَاصِدِ، إذَا الْمَقْصُودُ بِالْقِتَالِ إنَّمَا هُوَ الْهِدَايَةُ وَمَا سِوَاهَا مِنْ الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا قَتْلُ الْكُفَّارِ فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ الْهِدَايَةِ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ بِغَيْرِ جِهَادٍ كَانَ أَوْلَى مِنْ الْجِهَادِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحِلُّهُ فِي الْغَزْوِ. وَأَمَّا حِرَاسَةُ حُصُونِ الْمُسْلِمِينَ فَمُتَعَيِّنَةٌ فَوْرًا”
وقال أيضاً :” وَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحُجَجِ الْقَهْرِيَّةِ بِالسَّيْفِ لَا بُدَّ مِمَّنْ يُقِيمُ الْبَرَاهِينَ وَيُظْهِرُ الْحُجَجَ وَيَدْفَعُ الشُّبُهَاتِ وَيَحِلُّ الْمُشْكِلَاتِ”
هذا النقل قد يعجب كثيراً من الأخوة خصوصاً وأنه صادر من رجل شافعي فالشافعية أكثر الناس توسعاً في دماء الكفار إذا ما حصل بيننا وبين الكفار قتال فهم لوحدهم لا يأخذون بأثر عمر : اتقوا في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم العداء . الذي أخذت به بقية المذاهب مع موافقتهم للبقية في عصمة دم المرأة والصبي والراهب والمعاهد والذمي والمستأمن
غير أنني أقول : لو انطبق على هذا على بعض الكفار فلا ينطبق عليهم كلهم بل ولا على غالبهم فكثير منهم إن لم يغزوا غزوا والسلام الموهوم الذي بيننا وبينهم إنما يكون على حساب كرامتنا ومقدراتنا والتفريط بثأرنا والعفو إنما يكون عن مقدرة لا عن ذل