قال سعيد بن منصور في سننه 661-: نا خَلَف بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَقَالَ): لأنْتَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ نَفْسِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَمَالِي، وَلَوْلَا أنِّي آتِيكَ فَأَرَاكَ، لَظَنَنْتُ أَنِّي سَأَمُوتُ، وَبَكَى الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا ((أَبْكَاكَ؟)) ، فَقَالَ: ذَكَرَتُ أَنَّكَ سَتَمُوتُ وَنَمُوتُ، فَتُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَنَحْنُ إِذَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ كُنَّا دُوْنَكَ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل على رَسُولِهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إلى قوله {عليمًا} ، فقال: ((أبشر)) .
أقول : هذا الخبر له طرق عن عطاء عن الشعبي ومراسيل الشعبي قوية وله شاهد عن شيخ الشعبي مسروق
قال ابن أبي حاتم في تفسيره 5615 – حدثنا أبي ، ثنا يحيى بن المغيرة ، أنبأ جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، في قوله : ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) قال : قال أصحاب محمد : يا رسول الله ، ما ينبغي لنا أن نفارقك ، فإنك لو قدمت لرفعت فوقنا ولم نرك قال : فأنزل الله عز وجل : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )
مسروق مولى عائشة من كبار التابعين لا شيوخ له إلا من الصحابة فمراسيله من أقوى ما يكون
وإنني لأنظر في هذا الخبر وأتعجب الصحابة في جنة عرضها كعرض السماوات والأرض وفيها عامة ما تشتهي الأنفس من ملذات يتذكرون النبي صلى الله عليه وسلم ويتمنون قربه واليوم إذا قلت هذا سنة وليس واجباً تركه كأنك تقول له هذا محرم وكأن حسناته في الواجبات ضمنت له دخول الجنة وفي أعلى درجاتها أيضاً فزهد في النوافل
وأي محبة ملأت قلوب هؤلاء الأخيار حتى اشتاقوا للنبي صلى الله عليه وسلم وما أنستهم كل الملذات ذكره
وفي سيرة ابن هشام بسند حسن : قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوا لَهَا، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا:
خَيْرًا يَا أُمَّ فُلَانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ؟ قَالَ:
فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتَّى إذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ! تُرِيدُ صَغِيرَةً
كل مصيبة بعد رسول الله هينة ؟ كذا تقول هذه الصالحة التي امتلأ قلبها بمحبة خير من وطيء الثرى واليوم تقول له تعيش في بلد فيه عوز مادي عليه ولا يسب فيه النبي صلى الله عليه وسلم أو تذهب لآخر يسب فيه النبي صلى الله عليه وسلم أو يسخر من دينه وفيه تصيب مالاً فلعله يجيبك نظرياً بالأول ولكن انظر إلى الواقع لترى ما يؤلم قلبك
وفي الصحيحين عن أبي بكر الصديق أنه يقول : فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ.
يقول هذا وهو يفاوض فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها واليوم ما أسهل أن يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهواء العاهرات وأبناء العاهرات وعبيد الشهوات
وقد كنت في بداية أمري إن وجدت في حديث ما يشكل علي لجهلي تصورت نفسي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقوله فيذهب ما في نفسي تماماً ثم بعد بقليل أو كثير أجد ما يدفع الإشكال