فكل مسلم يقول في التشهد ( التحيات لله ) غير أن قليلاً منهم من يعرف معنى
هذه الكلمة للأسف الشديد
ومعناها في قول جمهور أهل العلم ( الملك لله )
وأحسب أن هذا المعنى لا يتبادر إلى أذهان الكثيرين
قال أبو الفضل الزهري في حديثه 453 : نا أبو عبيد ، نا زكريا بن يحيى بن
خلاد الساجي ، نا الأصمعي ، نا عمرو بن زرقان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس
أنه سئل عن تفسير التحيات لله ؟
فقال : الملك لله .
والصلوات : صلاة كل من صلى لله .
والطيبات : من الأعمال التي تعمل
لله عز وجل .
السلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته : فريضة من الله علينا أن نصلي
على نبينا ونسلم عليه تسليما.
السلام علينا : يعني الثقلين من الجن والإنس من المسلمين
وعلى عباد الله الصالحين .
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله : تصديقا بمحمد صلى الله
عليه وسلم ، وتكذيبا لمن جحده .
وهذا إسناد ضعيف جداً غير أن السند قد صح للأصمعي إمام العربية ولم يعقب
بشيء مما يدل على صحة المعنى عنده
وقال الرامهرمزي في المحدث الفاصل 142 : حدثني محمد بن خلف بن المرزبان
، ثنا أحمد بن مسعود بن نصر النحوي ، عن عبد الله بن صالح العجلي قال :
سألت الكسائي عن قوله : التحيات
لله ما معناها ؟ فقال : التحيات مثل البركات
قلت : ما معنى البركات ؟ فقال : ما سمعت فيها شيئا .
وسألت عنها محمد بن الحسن فقال
: هو شيء تعبد لله به عباده فقدمت الكوفة فلقيت عبد الله بن إدريس ، فقلت : إني سألت
الكسائي ومحمدا عن قوله : التحيات ، فأجاباني بكذا وكذا ، فقال عبد الله بن إدريس
: إنه لا علم لهما بالشعر ، وبهذه الأشياء التحية : الملك
وأنشدني : أؤم بها أبا قابوس حتى أنيخ على تحيته بجندي
واختار هذا المعنى أبو عبيد القاسم بن سلام
قال أبو عبيد في غريب الحديث (1/111) :” قال أبو عمرو : و التحية
الملك ; قال عمرو بن معديكرب :
[ الوافر ] … أُسَيِّرها إلى النُّعْمانِ حتى … أُنِيْخَ على تَحِيَّتِه
بجندي يعني [ على – ] ملكه ; وأنشد لزهير بن جناب الكلبي : [ الكامل ] … وَلَكلُّمَا
نال الفتى … قد نِلْتُه إلا التحية …
يعني المُلْك . [ قال أبو عبيد – ] : والتحية في غير هذا الموضع السلام
“
وقال ابن بطال كما في الفتح (13/ 368) :” قال ابن بطال: قوله تعالى
:{مَلِكِ النَّاسِ} داخل في معنى التحيات لله أي الملك لله، وكأنه صلى الله عليه وسلم
أمرهم بأن يقولوا التحيات لله امتثالا لأمر {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ
النَّاسِ}”
وقال ابن الجوزي في غريب الحديث :” قال أبو عبيدٍ التَّحِيَّةُ المُلْكُ
وقال أبو الهَيْثَم التَّحِيَّةُ السَّلاَمَةُ من المَنِيَّةِ والآفاتِ وقال ابنُ قُتَيْبَةَ
كان المُلُوكُ يُحَيَّوْن بتحياتٍ مختلفةٍ فيقال لبعضهم اسْلَمْ وانْعَمْ ولبعضهم أَبَيْتَ
اللَّعْنَ فقيل لنا قولوا التَّحِيَّات لله أي الألفاظ التي تَدُلُّ على المُلْكِ ويكنى
بها عن الله “
وقال ابن السكيت في إصلاح المنطق :” التحيات لله أي الملك لله قال
عمرو بن معديكرب
أسير به إلى النعمان حتى … أنيخ على تحيته بجند
أي على ملكه وقال زهير بن جناب الكلبي
ولكل ما نال الفتى … قد نلته إلا التحيه
أي إلا الملك وقولهم بياك، أي اعتمدك بالتحية قال الراجز
ياتت تبياً حوضها عكوفا
أي تعتمد حوضها وقال الآخر
لما تبيينا أخا تميم … أعطى عطاء اللحز اللئيم”
وقال الخليل بن أحمد في العين :” وقول المصلّي في التَّشَهُّد: التّحيات
لله، معناه: البقاءُ لله، ويقال: الملكُ لله”
والمختار قول من قال أن التحيات لله بمعنى الملك لله لأنهم دللوا عليه
بالشواهد الشعرية وهو قول الأكابر من أئمة اللغة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم