مشروعية رفع اليدين في الدعاء بعد الدرس

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال عبد الرزاق في المصنف 5405 : عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ وَغَيْرِهِ قَالَ:

 رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ  يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدِ الْقَاصِّ.

أقول : وهذا يدل على جواز رفع اليدين في دعاء الشيخ الذي بعد الدرس .

 والذي يبدو أنه كان من هدي القصاص
آنذاك أنهم يدعون بعد قصصهم .

لهذا قال ابن عباس في وصيته لذاك الرجل الذي كان يقص ( فَانْظُرْ السَّجْعَ
مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ – يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ
إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ- ) رواه البخاري

وهذا محمول على القاص العالم الذي يتحرى الصحة في أخباره كالشأن في عبيد
بن عمير ، وإلا فإن ابن عمر كان ينكر على القصاص الجهلة

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 26719: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ
، قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَي عُقْبَةُ بْنُ حُرَيْثٍ ، قَالَ
: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ، وَجَاءَ رَجُلٌ قَاصٌّ وَجَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ .

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : قُمْ مِنْ مَجْلِسِنَا ، فَأَبَى أَنْ يَقُومَ
.

 فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ إلَى
صَاحِبِ الشُّرَطِ : أَقِمَ الْقَاصَّ ، فَبَعَثَ إلَيْهِ فَأَقَامَهُ.

وفيه استعداء السلطان على صاحب البدعة إذا أمن جوره عليه ، ولم يستمع المبتدع
للنصح

قال عبد الرزاق في المصنف 5396 : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي
عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَصَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ
عُمَرَ الْعَصْرَ، ثُمَّ جَلَسَ، وَحَلَّقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ
نَحْوَ الْقَاصِّ.

 قَالَ: ثُمَّ أَفَاضَ بِالْحَدِيثِ
قَالَ: فَرَفَعَ الْقَاصُّ يَدَهُ يَدْعُو فَلَمْ يَرْفَعِ ابْنُ عُمَرَ يَدَهُ

وهذا إسنادٌ صحيح ، وهذا محمول على أن هذا القاص كان جاهلاً ولم يكن يعجب
ابن عمر قصص الجهلة

قال أحمد في مسنده 24005 : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا
عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:

 دَخَلَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ مَسْجِدَ
حِمْصَ قَالَ: وَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ ؟

 قَالُوا: كَعْبٌ يَقُصُّ، قَالَ:
يَا وَيْحَهُ، أَلَا سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
” لَا يَقُصُّ إِلَّا أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُخْتَالٌ “

والأمير يعني العالم كما فسره بعض أهل العلم

وكان من عادة السلف إطلاق كلمة ( قصص ) على كل درس سواءً كان وعظاً أو
غيره

ثم جعل في الاوقات المتأخره للوعظ فقط

يدل على ذلك قول رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول للنبي صلى الله عليه
وسلم (أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا
تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ
) متفق عليه

والنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يدعوهم للتوحيد

وقال المزي في تهذيب الكمال (23/ 508) :” وَقَال عَبْد الرَّحْمَنِ
بْن يونس، عَنْ سفيان بْن عُيَيْنَة. كان قتادة يقص بصحيفة جابر، وكان كتبها عَنْ سُلَيْمان
اليشكري”

وهذه الصحيفة عامتها أحاديث فقهية

وصح رفع اليدين في الدعاء بعد الدرس عن الحسن البصري

قال ابن سعد في الطبقات 9986: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ
: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ :

 رَأَيْتُ الْحَسَنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ
فِي قَصَصِهِ فِي الدُّعَاءِ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم