جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية :” وَأَمَّا مَسْحُ غَيْرِ الْوَجْهِ كَالصَّدْرِ فَلَا يُسَنُّ مَسْحُهُ قَطْعًا بَلْ نَصَّ جَمَاعَةٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ.
وَأَمَّا مَسْحُ الْوَجْهِ عَقِبَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا جَاهِلٌ اهـ”
هنا العز بن عبد السلام الشافعي الذي ذكر السيوطي في إرشاد المهتدين أنه عندهم بلغ رتبة الاجتهاد المطلق ودائماً يعتمدون تقسيمه في أمر البدع يقول أن مسح الوجه بعد الدعاء لا يفعله إلا جاهل
وهذا حكم فيه نوع تعجل فإن في الباب أخباراً حسنها بعض المتأخرين وإن كانت ضعيفة في واقعها وصح عن الحسن أنه فعل هذا ولهذا الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله ينص على أنه لا ينكر هذا الفعل وإن كان لا يفعله
وبنحو كلام الإمام أحمد يفتي الشيخ ابن باز من المعاصرين
والذي أريد قوله هنا أن العز وفي عدد من الكتب المذهبية ينقل قوله وقع في شيء من جنس ما ينكره عدد من المذهبيين على عدد من المنتمين للسلفية المعاصرة ومع ذلك ما تم تضخيم الأمر جداً ، والواقع أنه لا ينكر على المنتمين للسلفية المعاصرة كأفراد إلا ونجد في السياق المذهبي عند المتأخرين نحوه أو أشد منه ما عرف داخل السياق المعاصر من كثرة السجال داخل السياق المنتسب للسلفية بحيث يصعب دعوى اتفاقهم على شيء مما انتقد على بعض أفرادهم وكان سليماً
والعجيب أن بعضاً ممن ينقل كلمة العز هذه ويقرها من متأخري الشافعية هو متأثر بالقبورية فيرى تقبيل عتبات الأولياء فينكر المسح على الوجه بعد الدعاء وفيه آثار ويستحب مثل هذا البلاء الوثني ، وقريب من هذا ظرف عدد من متأخرين في قوله بحرمة الخضاب بالسواد وكراهية حلق اللحية كراهة تنزيهية فقط !
وعدد ممن ينقل كلمة العز هذه ينقل كلمة المحلي في استحباب الأذكار الواردة عند غسل كل عضو من أعضاء الوضوء وهو حديث باطل خلت منه كل كتب الصحاح والسنن والمسانيد وأحاديث مسح الوجه بعد الدعاء بالنسبة له سماء
وجاء في حاشية البجيرمي على الخطيب :” قَالَ النَّسَّابَةُ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْأَنْكِحَةِ لِابْنِ الْعِمَادِ فَرْعٌ: الِاسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ حَرَامٌ، وَعِنْدَ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي الْقَدِيمِ وَالْمَذْهَبُ الْجَزْمُ بِتَحْرِيمٍ وَفِي الْجَدِيدِ: نَاكِحُ يَدِهِ مَلْعُونٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ أَقْوَامًا يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْدِيهِمْ حَبَالَى» ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ يُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْنِيَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِسَائِرِ جَسَدِهَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي اهـ قَالَ ع ش: وَبَقِيَ مَا لَوْ دَارَ الْحَالُ بَيْنَ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا وَبَيْنَ الزِّنَا هَلْ يُقَدَّمُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَوْ الزِّنَا؟ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ وَطْأَهَا فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزِّنَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا فِي الدُّبُرِ وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِدَفْعِ الزِّنَا، وَالْأَقْرَبُ أَيْضًا حِلُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيَنْبَغِي كُفْرُ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ اهـ”
وإن كان القول بحرمة الوطء في الدبر هو المتعين خصوصاً لمن نظر في آثار الصحابة ورآهم يطلقون ألفاظاً لا تصدر إلا عن توقيف كقولهم ( هذا كفر ) إلا أن حكم تكفير مستحل هذا شديد لطروء شبهات عديدة خصوصاً في أزمنة الجهل المتأخرة وإن كان عامة من يصنف في إباحة هذا يرتكب مشاكل علمية كثيرة ناشئة عن المقدمة التي استقرت في خلده قبل البحث ، ولكن ماذا لو أطلق شيخ منتسب للسلفية مثل هذا الإطلاق أكان سيترك المذهبيون الجدد الذين كثير منهم لا يحسن حتى التقليد الفرصة للنيل منه
والعجيب أنك تجد فريقين فريقا لا يعتد بإجماعات العلماء ويركز على الفروع التي تخالف الثقافة الغربية من حرمة الغناء وحرمة تهنئة الكفار بأعيادهم وغير ذلك ، و آخر يدعو للمذهبية ويركز أيضاً على فروع يرى أن السلفية المعاصرة شددت فيها ولا يشتغل أحدهما بالآخر مع تناقض الأطروحتين مع اشتغالهما المستمر بما يسمونه السلفية المعاصرة فهذا تحالف يشبه تحالف الرافضة والإباضية ضد أهل السنة مع تناقض موقف الفريقين من علي بن أبي طالب رضي الله عنه