مخالفة الأشعرية لمتقدميهم

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن المنير الأشعري في حاشيته على الكشاف معترفاً بالتناقض بين متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم :” إنما أطال القول هنا ليفر من معتقدين لأهل السنة تشتمل عليهما هذه الآية:
أحدهما: أن اليدين من صفات الذات أثبتهما السمع، هذا مذهب أبى الحسن والقاضي، بعد إبطالهما حمل اليدين على القدرة، فان قدرة الله تعالى واحدة، واليدان مذكورتان بصيغة التثنية، وأبطلا حملهما على النعمة بأن نعم الله لا تحصى، فكيف تحصر بالتثنية. وغيرهما من أهل السنة كإمام الحرمين وغيره يجوز حملهما على القدرة والنعمة.

وكذا اعترف بهذا ابن عطية في محرره الوجيز :” وهذه المعاني إذا وردت عن الله تبارك وتعالى عبر عنها باليد أو الأيدي أو اليدين استعمالا لفصاحة العرب ولما في ذلك من الإيجاز، وهذا مذهب أبي المعالي والحداق، وقال قوم من العلماء منهم القاضي ابن الطيب: هذه كلها صفات زائدة على الذات ثابتة لله دون أن يكون في ذلك تشبيه ولا تحديد”

وقال الرازي في الإشارة في علم الكلام ص268 :” فإن قيل : بم تنكرون على شيخكم أبي الحسن _ يعني الأشعري _ والقاضي _ يعني الباقلاني _ حيث أثبتا اليدين صفتين زائدتين على الذات ….”

وقال أيضاً في محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ص437 :” الظاهريون من المتكلمين زعموا أنه لا صفة لله وراء السبعة أو الثمانية ، وأثبت أبو الحسن الأشعري اليد صفة وراء القدرة ( يعني غير القدرة ) ، والوجه صفة وراء الوجود ( يعني غير الوجود ) ، وأثبت الاستواء صفة أخرى … والإنصاف أنه لا دلالة على إثبات هذه الصفات أو نفيها فيجب التوقف “

تأمل أن الرازي اختار التفويض وباين بين تفويضه وبين قول الأشعري الواضح في الإثبات

وقال الآمدي في أبكار الأفكار (1/454) :” وأما إثبات اليدين بالمعنى الذي أراده الشيخ أبو الحسن الأشعري فيستدعي دليلاً قاطعاً لما سبق في الوجه ولا قاطع “

يقصد بالقاطع دليلاً عقلياً لأنه لا يعتد بالنصوص ، وهنا على من يتحدثون عن تجسيم ابن تيمية ومن يسمونهم وهابية أن يتعاملوا مع هذه المعضلة وإلا ليرموا الأشعري والباقلاني أئمتهم بالتجسيم ويريحوا أنفسهم ولا يطففوا