محمد علي والوهابية

في

,

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

في الواقع لا أرى داعيا لاستجلاب بعض الأحداث التاريخية لتحديد مواقفنا من قضايا سياسية معاصرة أو عقدية فالعقيدة مبناها على الأدلة وأما في السياسة فلم يعد شيء على ما هو عليه قبل مائة سنة

ولكن أن يمارس التزوير التاريخي أو التهويل لأجل الترويج لمذهب عقائدي لم تقم به أدلته هذا مرفوض

هنا بعض المعطيات التاريخية المخفية عند البعض

أرسل محمد علي باشا ابنه طوسون لتحرير بلاد الحرمين ممن يسمونهم بالوهابية وقد هزم طومسون ثم جاء محمد علي بنفسه واستطاع إسقاط الدولة الأولى وإليك وصف جيش طوسون من مؤرخ مصري وهو الجبرتي

قال الجبرتى في تاريخه واصفا جيش محمد علي وابنه : «ولقد قال لى بعضُ أكابرهم من الذين يدّعون الصلاح والتورع: أين لنا بالنصر وأكثرُ عساكرنا على غير المِلة وفيهم من لا يتديّن بدينٍ ولا ينتحل مذهبا ، وصحبتُنا صناديقُ المُسكِرات ، ولا يسمع فى جيشنا أذانٌ ولا تقام به فريضة ولا يخطر فى بالهم ولا خاطرهم شعائرُ الدين ، والقومُ إذا دخل الوقت أذّن المؤذنون وينتظمون صفوفا خلف إمامٍ واحد بخشوعٍ وخضوع وإذا حان وقت الصلاة والحرب قائمة أذّن المؤذن وصلّوا صلاة الخوف فتتقدم طائفةٌ للحرب وتتأخر الأخرى للصلاة ، وعسكرنا يتعجبون من ذلك لأنهم لم يسمعوا به فضلا عن رؤيته ، وينادون فى معسكرهم: هلمّوا إلى حرب المشركين المحلّقين الذقون المستبيحين الزنا واللواط الشاربين الخمور التاركين للصلاة الآكلين الربا القاتلين الأنفس المستحلّين المحرمات ؛ وكشفوا عن كثيرٍ من قتلى العسكر (عسكر طوسون) فوجدوهم غُلفا غير مختونين ، ولما وصلوا بدرا (مكان غزوة بدر) واستولوا عليه وعلى القرى والخيوف وبها خيار الناس وبها أهل العلم والصلحاء نهبوهم وأخذوا نساءهم وبناتهم وأولادهم وكتبهم ، فكانوا يفعلون فيهم ويبيعونهم من بعضهم لبعض ويقولون: هؤلاء الكفار الخوارج ، حتى اتفق أن بعض أهل بدر الصلحاء طلب من بعض العسكر زوجتَه فقال له: حتى تبيت معى هذه الليلة – يريدها للزنا-وأعطيها لك من الغد» عجائب الآثار للجبرتي

والعجب أنهم يسمونهم خوارج ومحمد علي نفسه خرج على الدولة العثمانية واستعانت عليه بروسيا وهو التجأ لفرنسا كما أن السلطان العلوي في المغرب في وقت آخر نازع الدولة العثمانية وهاجم الجزائر الموالية لها وحصلت تلك الوقعة المشهورة بين انكشارية الجزائر وعبيد البخاري ثم حصل بعدها بمدة صلح وكما خرج الشريف حسين عليها بعد مدة طويلة بعدما كفرها وشرح أسباب التكفير لأمين الريحاني وذكر الأخير ذلك في كتابه ملوك العرب وهؤلاء الخارجون ما بين صوفي أو تغريبي

وحتى شيخ الدرقاوية الشاذلية أحمد الغماري في رسالته في ذم الوهابية يقول في صفحة (108 – 109) ما نصه:
وقد نبذت الدولة التركية أواخر أيام إسلامها الحكم بالفقه الإسلامي المأخوذ من الشريعة أو من القواعد المنسوبة إليها على الأقل, وصارت تحكم بالقانون المأخوذ عن الأنجاس الأرجاس الذين قال الله فيهم (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل) , واتخذت ذلك في بلادها والبلاد التي كانت تحت حكمها – ومنها الديار المصرية – فإنها أول من أسست المحاكم الأهلية, فكفرت بذلك كفراً صراحاً, في حال ادعائها الإسلام وحماية حماه, ووجود الخلافة الإسلامية فيها, قبل أن تعلن الكفر والانسلاخ من الإسلام. انتهى كلامه.

وقارن ما ذكره الجبرتي عن جيش طوسون بما قال الأشعري الحضرمي ابن عبيد الله السقاف في كتابه إدام القوت:
“وفي أيامه – يعني ناجي بن علي بن ناجي – جاءت الوهابية في خمس وعشرين سفينة تحت قيادة ابن قملة بأمر الملك عبد العزيز بن سعود الذي استفحل سلطانه لذلك العهد فافتتح نجداً والأحساء والعروض والقطيف والحجاز وغيرها فامتلكوا البلاد، ولم يؤذوا أحداً في حال أو مال، ولم يهلكوا حرثاً ولا نسلاً، وإنما خربوا القباب وأبعدوا التوابيت”

فلا داعي للمتاجرة بعواطف العوام المتأثرين بالمسلسلات لترقيع ضعف مذهبك في الحجاج العلمي وخصوصا أن كل ما يذكر خارج مسمى الحجة العلمية