مما ينبغي أن يعرفه الأشعري ومن يحاور الأشعري أن الباقلاني ذكر أدلة عقلية على تنزيه الله عن النقائص
فأبى ذلك عليه الجويني في الإرشاد فقال في ( ص74 ) :” هذا مما كثر فيه كلام المتكلمين ، ولا نرتضي ما ذكروه في هذا المدخل إلا الالتجاء للسمع ( يعني النصوص ) إذ قد أجمعت الأئمة وكل من آمن بالله على تقدس الباريء عن الآفات “
وقد عاب ابن العربي على الجويني هذا المسلك في قانون التأويل إذ عندهم ينبغي الاستدلال بالعقل فحسب في هذه الأبواب
وأما الرازي في الأربعين (1/240) :” عولوا في تنزيه الباريء عن النقائص على الإجماع ، ثم إنهم يثبتون كون الإجماع حجة بظواهر الآيات والأحاديث فصارت الحجة بالآخر سمعية
ثم إنا نرى الظواهر الدالة على كونه سميعاً بصيراً أقوى من الظواهر الدالة على حجية الإجماع وإذا كان الأمر كذلك فبأن نتمسك في إثبات كونه سميعاً بصيراً بهذه الظواهر القوية “
إذن الخلاصة أن الحجة الوحيدة المسلمة في إثبات كونه سميعاً بصيراً هي حجة النصوص فحسب وليذهب نفي المعتزلة وشبهاتهم العقلية إلى الجحيم ، وهذا مسلك شمس الدين الأصفهاني في عقيدته لم يذكر حجة عقلية في إثبات السمع والبصر وإنما ذكر حجة النصوص فحسب
فإذا جاز لهم تقديم ظواهر النصوص على شبهات المعتزلة وتوهمهم التشبيه والتجسيم والتركيب في صفتي السمع والبصر فما بالهم ينكرون على السلفية فعلهم هذا الأمر في الصفات الأخرى خصوصاً العلو
وتأمل أن الرازي نفسه في كتاب الأربعين في جدله مع المعتزلة في الرؤية اعترف أنه عاجز عن الإجابة على شبهاتهم العقلية وأنه يعول على النصوص
فقال في كتابه في الأربعين في أصول الدين (1/277) :” اعلم أن الدليل العقلي المعول عليه في هذه المسألة الذي أوردناه وأردنا عليه هذه الأسئلة واعترفنا بالعجز عن الجواب عنها “
ثم قال :” إذا عرفت هذا فنقول : مذهبنا في هذه المسألة ما اختاره الشيخ أبو منصور الماتردي السمرقندي وهو أنا لا نثبت صحة رؤية الله بالدليل العقلي بل نتمسك بظواهر القرآن والحديث “
والذي فعله ابن تيمية في الدرء أنه أبان لهم زيادة على ما تقدم أن عامة ما يتمسكون به من الشبهات العقلية كشبهة التركيب والتجسيم وتماثل الأجسام ونفي حلول الحوادث كلها شبهات ضعيفة وفيها خلاف عظيم بين النظار وعليها تشكيكات عظيمة فلا يجوز أن يترك الظواهر القطعية لعقليات مشكوكة بل العقليات السليمة في صف ظواهر النصوص