قال وِل ديورانت في «قصة الحضارة» [10/171]: “وكان معظم الفلاسفة الرومان من أتباع المذهب الرواقي، أما الأبيقوريين فلم تترك لهم الخمر والنساء والطعام وقتاً للنظريات الفلسفية”.
هذا التعليق الساخر من هذا المؤرخ اللاديني ذكَّرني بمركز للمنافقين افتُتح قبل مدة (مركز تكوين)، وكانوا يزعمون تجديد الفكر الإسلامي.
والصورة التي التقطت كان فيها زجاجة خمر، وفي الحقيقة أنا استبشرت بذلك، لأن الباطل يحتاج إلى مجهود ذهني أكبر من الحق لتزويقه، لأنه قبيح في نفسه، ومع عقول تُغيِّب كثيراً هذا التزويق سيكون رديئاً، ولذلك انتصارهم في معركة الحجة قليل.
وإنما يعولون كثيراً على الشهوات البدائية، لكائنات اعتادت التفكير بعواطف متحيزة، مع أن التحيز قد يكون موجوداً في الطرف المقابل أيضاً، ويكون تحيزاً مع الحق.
لا ينكر عاقل ارتباط الشهوات بكثير من المواقف الفكرية للحركات العالمانية واللادينية في العالم عموماً، وفي عالمنا العربي خصوصاً .
يظهر ذلك من أنك ترى ملحداً يتكلم عن النساء أكثر مما يتكلم عن الإله (هذا الغالب فيهم).
وترى بعضهم يتخذ مناصرة المرأة من خلال الحديث عن الطرح المرضي لأي إنسان (أنت ضحية أنت مظلوم أنت مقدس وهم دنسوك) سبباً للفوز بمكاسب في علاقات متعددة، ما كانت لتتوفر لمثله (مع انخفاض قيمته وضعف رجولته) إلا من خلال هذا الطريق.
هذا ما يسمى في الشرع (الهوى)، ولهذا ترى في النصوص الشرعية مواعظ، لأن الناس اعتقاداتهم ليست بمعزل عن شهواتهم، وكثير من الفلاسفة وأدعياء الأكاديمية يغفلون عن هذا المعنى، فيستصغرون دور الوعظ والخطاب المباشر المؤثِّر في الناس، لذا يقل انتفاعهم بالوحي، ومن تأثَّر من طلبة العلم بمسالكهم يصير يفضِّل المطارحات المعقدة على مواضيع أساسية في الوحيين، وهذا من تلبيس الشيطان.