ما الذي نستفيده من فتنة الصرخي؟

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الذهبي في تاريخ الإسلام في حوادث عام 569: ”وفيها وعظ الطوسي بالتاجية من بغداد، فقال: ابن ملجم لم يكفر بقتله عليا رضي الله عنه، فجاءه الآجر من كل ناحية، وثارت عليه الشيعة، ولولا الغلمان الذين حوله لقتل. ولما هم الميعاد الآخر بالجلوس، تجمعوا ومعهم قوارير النفط ليحرقوه، فلم يحضر. فأحرقوا منبره. وأحضره نقيب النقباء وسبه، فقال: أنت نائب الديوان، وأنا نائب الرحمن.
فقال: بل أنت نائب الشيطان. وأمر به فسحب ونفي، فذهب إلى مصر، وعظم بها. ولقبه: الشهاب الطوسي“.

هذه الحادثة أبلغ منها ما حصل في زماننا لما جاء المرجع الشيعي محمود الصرخي وأفتى بهدم الأضرحة، فقام الشيعة في بغداد وغيرها يهدمون مساجد أتباعه ويصفونها بمساجد الضرار.

ومعتمده ما جاء في الروايات:

عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع بعثني رسول الله ص إلى المدينة فقال لا تدع صورة إلا محوتها و لا قبرا إلا سويته و لا كلبا إلا قتلته.
– الكافي ج: 6 ص: 528، وسائل الشيعة 2/869، جامع أحاديث الشيعة 3/445.

سأل سماعة بن مهران عن زيارة القبور و بناء المساجد فيها فقال أما زيارة القبور فلا بأس بها و لا يبنى عندها مساجد.

و قال النبي ص لا تتخذوا قبري قبلة و لا مسجدا فإن الله عز و جل لعن اليهود حين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
– من‏ لا يحضره‏ الفقيه ج: 1 ص: 178.

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه.
– وسائل الشيعة 2/869.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه.
– مستدرك الوسائل 1/127.

عن الإمام الصادق رحمه الله قال: “من أكل السحت سبعة: الرشوة في الحكم ومهر البغي وأجر الكاهن وثمن الكلب والذين يبنون البناء على القبور.
– مستدرك الوسائل 1/127.

وعن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه.
– وسائل الشيعة 2/869، جامع أحاديث الشيعة 3/444.

وقد قال ابن تيمية في منهاج السنة: «وقد صنف شيخهم ابن النعمان، المعروف عندهم بالمفيد -وهو شيخ الموسوي والطوسي- كتابا سماه: “مناسك المشاهد” جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج الكعبة البيت الحرام الذي جعله الله قياما للناس، وهو أول بيت وضع للناس فلا يطاف إلا به، ولا يصلى إلا إليه ولم يأمر الله إلا بحجه.
وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر بما ذكروه من أمر المشاهد، ولا شرع لأمته مناسك عند قبور الأنبياء والصالحين، بل هذا من دين المشركين الذين قال الله فيهم: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا}[سورة نوح: 23] قال ابن عباس وغيره هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح لما ماتوا عكفوا على قبورهم، فطال عليهم الأمد، فصوروا تماثيلهم ثم عبدوهم».

الصرخي لم ينكر عصمة المعصومين، وهو مثلهم إذا تكلم عن أهل السنة يكذب ويفتري ويدلس، وكذلك الطوسي ما ترك التشيع وإنما لم يكفر ابن ملجم فحسب.

فمن يحلم بالتقريب مع هؤلاء ألا يرى شدتهم على مقاربهم في المذهب ممن ينكر بعض المنكرات فحسب.

العاطفة تسيطر عليهم، ولطالما ألهبت مشاعرهم تلك القصائد التي تتكلم عن مظلومية أهل البيت، وترسم المشاهد في أذهانهم بكلمات رقراقة وأصوات شجية محزنة، وطالما ذرفوا من الدموع.

ثم بهذه العاطفة الشديدة يسهل توجيههم لهدم المساجد وفعل الأفاعيل، نقد هؤلاء ودعوتهم للإسلام ليس ترفا علميا بل نصرة لأصل الأصول وهو التوحيد، ومن تنازل عن التوحيد أو تساهل في نصرته لتحصيل مكاسب دنيوية كان من حكمة الله ألا يحصل ما أراد من الدنيا ليكون عبرة، وهذه رحمة به لعله يعود.