قال ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر 108 : حدثني علي بن الحسن بن أبي مريم ، عن أبي يزيد الرقي ، قال :
قلت للفضيل بن عياض : أرأيت إن
رأيت شرطيا أو مسلحا أو سلطانا يظلم ، أنهاه ؟
قال : إن قدرت فافعل ، قلت : أما
الكلام ( . . . . . . ) ، ولكن أخاف العاقبة .
قال : إن قدرت على أن تدفع عن
نفسك فتكلم من غير أن تدخل على أحد من المسلمين ضررا ، ولا آمرك أن تتكلم وتدخل على
أهلك وجيرانك ومن يعرفك الخوف ، وعسى أن يكون من جيرانك من ليست له إلا من عمل يديه
فتدخل عليه الخوف فتضيع عياله ، ولعل كلامك لا يكون منفعة للمسلمين ، تلقي كلمة ثم
تلقي بيدك فتوضع في عنقك فيصنع بك ما تقدم عليه .
أبو يزيد الرقي اسمه الفيض بن إسحاق قال عنه ابن سعد صاحب وخير
وهذا الأثر الجليل من الفضيل ما أحوج أصحاب المظاهرات اليوم والتقاتل على
الرياسة أن يتأملوه
قال البخاري في صحيحه 4513 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَا إِنَّ
النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ
دَمَ أَخِي فَقَالَا أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ
} فَقَالَ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ وَأَنْتُمْ
تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ
فهذا قول ابن عمر لأناس أخيار ما عرفوا الديمقراطية ولا غيرها من صور الإلحاد
، فكيف لو رأى الذين يقتتلون على الديمقراطية ما سيقول لهم
وقال مسلم في صحيحه 190- [158-96] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ (ح) ، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ
، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كِلاَهُمَا ، عَنِ الأَعْمَشِ
، عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي
شَيْبَةَ ، قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
سَرِيَّةٍ ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ
: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُهُ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ
: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ ، قَالَ : أَفَلاَ
شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ ؟ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا
عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ : فَقَالَ سَعْدٌ
: وَأَنَا وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي
أُسَامَةَ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى
لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} ؟ فَقَالَ سَعْدٌ : قَدْ
قَاتَلْنَا حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ
تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ.
وهذا قول سعد لأولئك فما عساه يقول لهلكى الديمقراطية
قال ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 109 : حدثني علي
بن الحسن ، عن الفيض بن إسحاق ، قال :
سألت فضيل بن عياض عن الأمر والنهي
، قال : ليس هذا زمان كلام ، هذا زمان بكاء وتضرع ، واستكانة ودعاء لجميع أمة محمد
صلى الله عليه وسلم ، لو أوثقت في رجلك في هذه – وأشار إلى أسفل الركبة – جزعت ولم
تصبر ، ولو ابتليت لكفرت ، قد ابتلي قوم فكفروا من الشدة .
قال الفضيل هذا لما رأى شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ، وعلم أن ما في عقوبة
لن يزول إلا بطاعة الله عز وجل فكأنه يقول أصلحوا أنفسكم تصلح لكم ولاتكم
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/ 429) :” وكان الحسن البصري يقول
إن الحجاج عذاب الله فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع فإن
الله تعالى يقول ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون وكان طلق بن
حبيب يقول اتقوا الفتنة بالتقوى فقيل له أجمل لنا التقوى فقال أن تعمل بطاعة الله على
نور من الله ترجو رحمة الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله رواه
أحمد وابن أبي الدنيا “
قال ابن أبي الدنيا في الصبر 106 – حدثني علي بن الحسن ، عن أبي يزيد الرقي
، عن فضيل بن عياض ، أنه سئل عن الأمر والنهي ، فلم يأمر بذلك .
ثم قال : إن صبرت
كما صبر الإسرائيلي فنعم . قيل له : وكيف كان الإسرائيلي ؟
قال : كان ثلاثة نفر ، فاجتمعوا فقالوا : إن هذا الرجل
يفعل ويفعل ، يعنون ملكهم ، ثم قالوا : يأتيه واحد منا فيخلو به في السر فيأمره وينهاه
، فذهب واحد منهم ، فدخل عليه ، فأمره ونهاه .
فقال : ألا أراك ها هنا ؟ فأمر
به فحبس ، فبلغ الخبر الآخرين . فقالا : الآن وجب ، فجاءه واحد منهما . فقال : يا هذا
، جاءك رجل فأمرك ونهاك ، فأمرت به فحبس .
فقال : ألا أراك إلا صاحبه . أما
إني لا أفعل بك ما فعلت به ، فأمر به ، فضرب حتى قتل ، فجاء الخبر إلى الثالث . فقال
: الآن وجب فأتاه فقال له : يا هذا جاءك رجل فأمرك ونهاك فحبسته ، وجاءك الآخر فضربته
حتى قتلته . فقال : ألا أراك إلا صاحبه . أما إني لا أصنع بك ما صنعت به . فأمر به
فضرب وتد في أذنه في الأرض في الشمس ، فحر الشمس من فوقه ومن تحته ، فأرادوه على أن
يتكلم بشيء ، أي شبه الاعتذار إلى الملك ، فأبى .
قال أبو يزيد : قال بعضهم : وأحدكم
لو انتهر لقال : جعلني الله فداءك
الله أكبر أثر عظيم يستحق التأمل ، فالمرء يأمر وينهى بشجاعة على السنة
بدون تزلف المتملقين ، ولا تهييج الخوارج
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم