لماذا لا توجد هذه الإساءات لأهل البيت إلا في تواريخ الشيعة وكتبهم؟
العقل الشيعي الإمامي يتمحور حول قصة الطف ومقتل الحسين، حتى لكأن تلك الأيام القليلة كانت قروناً، وما أكثر أبحاثهم الجزئية في هذا الموضوع.
ومقتل الحسين في عامته مداره على لوط بن يحيى، وحاله معروف من الوهن وله شيوخ عامتهم إما لا يُعرفون أو يُعرفون بشرّ، هم من ذكروا تفاصيل القصة.
ومن أولئك الشخصيات: حميد بن مسلم، الذي كان مع جيش أعداء الحسين، هذا الشخص اختلف فيه الشيعة، فمنهم من قال نقبل من رواياته ما يمدح أهل البيت ويُبيِّن ظلم أعدائهم، ومنهم من نسبه إلى توبة ومع ذلك هو مجهول العدالة عندهم، ومنهم من تشكك في أمره وزعم أن في رواياته إساءات خفيَّة لأهل البيت، وهؤلاء القوم الذين حديثي معهم اليوم.
كتب المعمم الشيعي مقالاً بعنوان: “نماذج من أكاذيب وإساءات حميد بن مسلم للسيدة زينب الكبرى -عليها السلام- في كربلاء“.
تكلم في هذا المقال عن هذه الرواية: “وخرجت زينب بنت علي -عليه السلام- وقرطاها يجولان بين اذنيها وهي تقول: ليت السماء انطبقت على الارض، ياعمر بن سعد أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟ ودموع عمر تسيل على خديه ولحيته، وهو يصرف وجهه عنها، والحسين عليه السلام جالس، وعليه جبة خز، وقد تحاماه الناس“.
وهي رواية منتشرة بين الخطباء الشيعة، وقد استنكرها الحمداني جداً، بحجة أنها تُظهر زينب متساهلة بالحجاب وتكشف أجزاءً من جسمها يبصرها الرجال الغرباء والأعداء السفلة الذين وصفهم في مقاله بـ”30 ألف مجرم داعشي أموي”.
وكلامه تفصيلاً: “السادس: هل يعقل ان زينب العقيلة -عليها السلام- وهي ملكة الحجاب والعفة والشرف تقدم على الاستهانة بالحجاب امام 30 ألف مجرم داعشي أموي وان تترك وضعها كما في الخيمة ويخرج شعرها وتظهر اجزاء من جسمها امام هؤلاء حتى ينظر الغرباء الاجانب الى اذنيها واقراطها!!! ..لماذ كل هذا التجني على سيدة العفة العلوية زينب -عليها السلام- ؟؟؟!!“.
وهناك رواية أخرى قبلها الحمداني نفسه وينكرها جماعة من الأخبارية، وهي أن علي زين العابدين كان مصاباً يوم كربلاء بداء الذرب وهو الإسهال الشديد (وهذه الرواية ذكرها عن حميد بن مسلم ابن النعمان المفيد في «الإرشاد» [2/114]) (ويرون أن رواية مبطون التي في «الكافي» لا تفيد معنى الذرب الإسهال الشديد).
وهنا عدة أسئلة لمن يستقبح هذه الروايات:
أولها: لماذا هذه الروايات لا توجد إلا في كتب الشيعة ولا يوجد لها رائحة ذكر في كتب أهل السنة الذين تسمونهم نواصب ويفترض أنهم هم نقلة أكاذيب الأمويين على أهل البيت في زعمكم؟
وقد رووا أخبار حميد بن مسلم.
ثانيها: لماذا تحمّلون حميد بن مسلم الحمالة ولا يوجد إسناد يتصل به لرواية هذه الروايات؟ فالمقاتل المشهورة عنه لا تذكر شيئاً من هذا، فأما رواية الذرب فانفرد بها المفيد، وبين وفاته ووفاة حميد مئات السنين، ولو رواها المفيد بسند صحيح لكانت رواية شاذة، لكونها زيادة على ما في المقاتل المعروفة؛ ولكن لما كان علم الحديث عند الشيعة بدائي فلا يعرفون مثل هذه المباحث، وأما رواية حجاب زينب فهي أسوأ حالاً.
ثالثها: هذه الإساءات بقيت تردَّد على المنابر مئات السنين حتى جاء بعض المعاصرين ونقدها، فما أغنى المعصوم عن شيعته وأهل بيته، أليس وجوده من باب اللطف ليحمي شيعته من الضلال؟ وكم من مرة زعموا ظهوره لجماعة من محبيه يقظةً أو مناماً، فهلا نبههم على مثل هذه البلايا المنتشرة بينهم؟
وأخيراً: العقل الشيعي رغبوي بامتياز، يرسم صورة في ذهنه عن أهل البيت ثم ما يوافقها يقبله وما لا يوافقها يرفضه، دون أي منهجية واضحة.