لماذا كانت فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء الجنة؟

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

لماذا كانت فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء الجنة؟

في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين.

اعترض بعض الناس على هذا الحديث باعتراضات عديدة:

منها:
السؤال عن بقية بنات النبي صلى الله عليه وسلم.
وقالوا ماذا عن خديجة أم فاطمة؟

وتوسع بعضهم فقال إن الجنة ليس فيها سيد ومَسود!

وبماذا استحقت فاطمة رضي الله عنها هذا الفضل، فلا شك في فضلها وأنها من أهل الجنة، ولكن بماذا صارت سيدة نساء أهل الجنة؟

والجواب على هذا كله فيما يلي:

أن منزلة الإنسان في الجنة مركبة من عدة أمور:

أولها: إيمانه وعمله الصالح، وهذا لا ينازع أحد في أنه ينفع المرء وهو السبب الرئيسي لنفعه.

ثانيها: دعاء أهل الإيمان له، فنحن نصلي الجنازة على الميت ونترحم على موتى المسلمين ونتصدق عنهم ونفعل أمورًا كثيرة تنفعهم وهم لم يباشروا عملها.

وقوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} يعني أنه لا يملك إلا هذا ولكنه قد ينتفع بغير ما يملك.

واستغفار الملائكة لأهل الإيمان معروف ولا شك أنه نافع لهم.

وقد قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء}.

فهنا الذرية عملت عملًا صالحًا إذ اتّبعت بإحسان آباءها ولكنها لم تبلغ منزلة آبائها في الصلاح، فرفعهم الله إلى محل آبائهم.

وهنا الحال مع فاطمة رضي الله عنها فأبوها صلى الله عليه وسلم أعلى أهل الجنة منزلة ويرفع ابنته إلى منزلته.

وكلمة (سيد) بمعنى أرفع من غيره، والجنة درجات بلا خلاف.

وأما السؤال عن خديجة وبقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبقية بناته فيُشبه أن تكون هناك منزلة عليا في الجنة لا تستحقها إلا امرأة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فاختار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك أصلح بناته فاطمة، كما أن أبا طالب كان الوحيد الذي خُفِّف عنه عذاب النار من دون بقية أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار (وقد صح أن أبويه في النار).

وقد يقال أن سيادتها لا تنافي سيادة غيرها ولكنه ذكر لها هذا في الحديث مواساة لها كأن تقول لشخص: ستكون معي في الجنة.
وهذا لا يعني أنك وحدك من له هذه المنزلة.

ونفع النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أو لأبي طالب هو محل اقتداء في أن ينفع المرء بصلاحه أقرباءه (إذا صلحوا إن كان الأمر في دخول الجنة) وفيه أيضًا التشوف لفضل الله عز وجل سواء من جهة النبي صلى الله عليه وسلم أو من جهة الفضل المحض أو شفاعة الملائكة والصالحين دون الشرك بهم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا أغني عنك من الله شيئا” يعني إن اخترت الكفر على الإسلام فإن أسلمت نفعها دعاء صالحي الأمة فضلا عن حال أبيها صلى الله عليه وسلم.