لا تقطع يد من كانت له شبهة في سرقته

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

من قواعد الفقهاء في باب السرقة أن كل من كان له شبهة حق في مال وسرق منه فإنه لا تقطع يده فلو سرق شخص من بيت مال المسلمين ولو نصاباً محرزاً فإنه لا قطع فيه وإنما العقوبة فحسب

وفرع بعض الشافعية وقيل الشافعي نفسه على هذا فرعاً لطيفاً وأحسبه يتناسب إلى حد ما مع المزاج الحديث ألا وهو أن المرأة إذا سرقت من مال زوجها فلا قطع عليها ولو من حرز لأن لها حق النفقة وأما إن سرق الرجل من مالها شيئاً محرزاً بالغاً النصاب ففيه القطع لأنه لا حق له في مالها

قال ابن قدامة في المغني :” وَلِلشَّافِعِيِّ كَالرِّوَايَتَيْنِ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّ الزَّوْجَ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَلَا تُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ فِيهِ”

قال الماوردي في الحاوي :” إِذَا قِيلَ بِالثَّالِثِ أَنَّهُ يُقْطَعُ الزَّوْجُ وَلَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ فَوَجْهُهُ شيئان:
أحدهما: أن نفقة الزوجية تستحقها الزوجة عَلَى الزَّوْجِ فَصَارَتْ شُبْهَةً لِلزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا فِي قَبْضَةِ الزَّوْجِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] فَصَارَ مَا في يدها مِنْ سَرِقَةِ الزَّوْجِ كَالْبَاقِي فِي يَدِ الزَّوْجِ فَلَمْ تُقْطَعْ فِيهِ، وَقُطِعَ فِي مَالِهَا؛ لِأَنَّهُ فِيهِ بِخِلَافِهَا”

والمسألة نزاعية كما يشير إليه كلامهم غير أنه لم يقل أحد بالعكس فهناك من قال يقطعان جميعاً بالسرقة من بعضهما ومنهم من قال لا يقطعان جميعاً