كيف ذب علماء الشيعة ورواتهم عن معاوية بن أبي سفيان من حيث لا يشعرون؟
بمناسبة تغريدة مقتدى الصدر عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أود أن أنبه على هذه الفائدة التي تخفى على كثيرين:
من أصول الشيعة في الترجيح عند اختلاف الروايات أو عدم وجود رواية عن المعصوم مخالفة العامة، يعني أهل السنة.
فعندهم رواية في الكافي تقول: “دعوا ما وافق القومَ فإن الرشد في خلافهم”.
وفي تعليل هذا الحكم روى الصدوق في العلل: “حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أبي إسحاق الإرجاني رفعه قال: قال أبو عبد الله (ع) أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة؟ فقلت: لا ندري، فقال: ان عليا (ع) لم يكن يدين الله بدين الا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لابطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين (ع) عن الشئ الذي لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس”.
وقال محمد الشيرازي في الوصائل إلى الرسائل (15/275) معلقاً على هذه الرواية: “ولا يخفى أن مثل هذا شايع في الحكومات المتناحرة، والحكام الغاصبين، والخلفاء الجائرين، حتى ورد أن بني العباس لما جاءوا إلى الحكم غيروا كل شيء، كان في عهد بني أمية من أحكام وقوانين وبقايا وآثار حتى أن علامات الفراسخ التي نصبها بنو أمية في الطريق قلعوها عن مواضعها وجعلوها في أماكن أخر وبأشكال أخر، فلا تعجب من أولئك الذين عارضوا عليا عليه السلام وغصبوا حقه في الخلافة أن يعارضوه في كل شيء”.
أقول: خلاصة الكلام الموجود أعلاه أن الخلفاء من الصحابة غصبوا علياً رضي الله عنه أرادوا إخماد ذكره فخالفوا فتاويه، ونسبوا الصواب لغيره إخماداً لذكره.
فلو قلنا أنهم نسبوا لعلي رضي الله عنه غير فتاويه ولكن صوبوها فإن ذلك لا يفي بالغرض.
فعلى سبيل المثال لو فرضنا أن علياً رضي الله عنه كان يفتي بحل المتعة وأهل السنة نسبوا له القول بحرمة المتعة وجعلوا هذا الصواب، فإن هذا لا يؤدي إلى إخماد ذكره بل يؤدي إلى ظهور ذكره.
والمتهم في هذا الأمر الذي زعمه الشيعة هو معاوية بن أبي سفيان، لأنه جاء بعد علي، وأما البقية فسبقوه فأمكنه أن يزيل آثارهم في فترة خلافته.
ومعاوية اقتدى به كل من جاء بعده وبقي الأثر إلى وقت العباسيين، فإن كلام أئمة الشيعة كان في وقت العباسيين.
والمشاهد أن فتاوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ورواياته في الكتب أكثر من روايات عثمان ومعاوية، وهذا مشاهد في مصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، والأوسط لابن المنذر.
وقد روى أهل السنة حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» ومخرجه شامي وعدوا علياً منهم.
وأصح إسناد لعلي بن أبي طالب إسناد بصري -وأهل البصرة ما فشا فيهم التشيع- ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب.
فلو كان معاوية بن أبي سفيان كما يصور الشيعة لما كان علي له كل هذه الروايات في الكتب، وهذه الفتاوى والفضائل، ولكان مكانها روايات وفضائل وفتاوى لمعاوية بن أبي سفيان.
وحتى مع قيام الدولة العباسية قامت دولة للأمويين في الأندلس، كان من الممكن أن تحمل هذه المختلقات لو كانت موجودة.
فهذا بينة تاريخية واضحة تدل على أن ما يتوهمه الشيعة من وجود غصب للخلافة لا حقيقة له، وهذا من تدبره وجده لا يقل قوة عن مسألة زواج عمر من أم كلثوم، أو تسمية علي لابنه عمر.
وهكذا تكون روايات علي بن أبي طالب وفضائله وفتاويه فضائل مبطنة لمعاوية بن أبي سفيان، مبرئة له مما يزعمه القوم في حقه.