كيف تحمي النسويةُ المرأةَ من العنف المنزلي؟

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

مع انتشار فكرة (النسوية) و(الاستقلال المادي) للمرأة ووجود قوانين يفترض أنها تحمي المرأة، إلَّا أن إحصائيات العنف المنزلي في ازدياد.

سأضرب مثلاً بمقال كُتب في 21 يوليو عام 2021 احتفالاً بيوم المرأة العالمي، لكاتبة كورية اسمها ما كيونغ هي، متخصصة في الصحة العقلية.

كتبت المقال عن العنف الأسري بعقلية نسوية محضة، تهجو الأفكار الذكورية التي تؤدي لمثل هذا الفعل، ملخص مقالها في نقاط:

الأولى: أن العنف الأسري أعم من مجرد ضرب الأطفال والنساء، فكل من (التخويف والإذلال والتهديدات الموثوقة بالأذى والعزلة ومراقبة الاتصالات والأنشطة والإساءة المالية) يُعدُّ عنفاً.

أقول: وهذه نقطة تتكرَّر في الكتابات النسوية، دون أن ينتبهن إلى أن هذا الأمر يُدخِل النساء في العنف الأسري، فكثيراً ما يتكلمن بإهانات للطرف المقابل، ويقمن بعدَّة أمور يبتززنه من خلالها.

وقد روعي هذا المعنى في الشرع، فنُهي عن كفران العشير، ونُهي عن حرمان الرجل حقه الشرعي.

بينما الكتابات المبنية على أيديولوجيا الضحية -تصوِّر المرأة ضحية دائماً والرجل جلاداً دائماً- لا تأتي بحلول جذرية، فالعنف قد يكون مبرِّراً للعنف المضاد المبالغ به في ذهن المعنِّف (هذا ليس تبريراً وإنما حكاية لواقع).

الثانية: أن الثقافة المجتمعية هي التي تُرسِّخ صورة معيَّنة عن الإناث وتدعم سلطة الذكر.

أقول: هي نفسها ذكرت أنهم تلقوا أكثر من نصف مليون شكوى، فإذا كانت الحكومة لا يمكنها حماية النساء ولا تغيير ثقافة المجتمع، فالأمر مستحيل بالنسبة للنساء!

والحق أن سلطة الذكور أمر ليس عديم النفع للنساء، فإن النساء يحمِّلن الذكور مسئوليات كثيرة تجاههن، لأجل التفاوت بين الجنسين، وهذا يقتضي من باب الإنصاف أن يكون له مقابل.

والذي يثير الاحتقان حقاً حين يشعر الرجل بالإهانة، وأنه يُستغَّل، وأنه يبذل كثيراً ولا يحصِّل شيئاً، أو يحصِّل أمراً يسيراً.

لهذا الأمر بالطاعة للرجل بالمعروف من أهم أسباب إزالة العنف الأسري.

الثالثة: أنهم تلقوا نصف مليون حالة عنف أسري ضد النساء في العام الماضي، وهذا يعني ازدياد الحالات، وغالب هذه الحالات لا يُبلَّغ عليها.

الرابعة: كشف تقرير حكومي كوري حديث أنه في عام 2021، كان هناك 65 ملجأً للعنف المنزلي للنساء في جميع أنحاء البلاد، وتم إيواء 1547 امرأة لفترة قصيرة أو طويلة، وبعد المغادرة، عاد ما يقرب من 30 بالمائة منهن إلى ديار مرتكبي الجرائم. وبالإضافة إلى النقص في المرافق، فإن الظروف المعيشية غير المستقرة والخدمات غير الكافية تشكِّل مشكلة أخرى.

أقول: الحكومات لا تتحمل الكلفة الاقتصادية لهذا الأمر، وهؤلاء يَعُدن للمعنفين، لأنهن كن ينتفعن بهم مادياً وهذا ما أوجب السلطة.

ومع التفكك الأسري تم توفير ملاجئ حكومية للهاربات وهو حل ضعيف، لأنهم لن يوفِّروا لهن أماكن جيدة، بل ستكون غالباً كالسجون.

باختصار: الخطاب الشرعي الذي يُجيز عقوبة النشوز، ولكن مع الضبط وعدم الضرب المبرِّح والتعرض للوجه، والخطاب بطاعة الرجل بالمعروف وضرورة معاشرة الرجل لأهله بالمعروف وأن خيركم خيركم لأهله، يوفِّر تنفيساً جيداً ويضبط المسائل.

وكثير من العنف الأسري سببه الكحول والمخدرات، ولكن لا يحفلون بهذه الأسباب.

هذه الأمور أكثر فعالية ألف مرة من خطابٍ حالم يريد إزالة الفجوات بين الذكور والإناث، أو توفير ملاجئ فارهة للضحايا.

ثم ستبقى هناك قضايا ظلم وفجور من الرجال هذه يتعامل معها القضاء ومن قبل الأسرة والمجتمع، النساء في مجتمعاتنا كثير منهن تنتفع من الخطاب الشرعي، ومن وجود الأسرة، ومن وجود الرجل، وأخيراً من القوانين، وربما تجد عوامل حماية لا توجد في المجتمعات الغربية أو الشرقية التي تغرَّبت مثل الكوري، حيث النساء خُدعن بكذبة المساواة ثم وجدن أنفسهن في العراء، ومع هذا كله لا زلن يردن المزيد ويهاجمن الثوابت الشرعية.