كلمة عظيمة لشيخ الإسلام يحتاجها المتصدي للرد على المخالفين

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذه كلمة لشيخ الإسلام سمعتها من أحد المشايخ الأفاضل رأيت أن أنقلها
لإخواني لينتفعوا بها

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/253_255) :

” وفي الحديث من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فينبغي أن يكون عليما
بما يأمر به عليما بما ينهى عنه رفيقا فيما يأمر به رفيقا فيما ينهى عنه حليما فيما
يأمر به حليما فيما ينهى عنه

 فالعلم قبل الأمر والرفق مع الأمر
والحلم بعد الأمر

فإن لم يكن عالما لم يكن له أن يقفو ما ليس له به علم وإن كان عالما ولم
يكن رفيقا كان كالطبيب الذي لا رفق فيه فيغلظ على المريض فلا يقبل منه وكالمؤدب الغليظ
الذي لا يقبل منه الولد

وقد قال تعالى لموسى وهارون :{ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى
}

ثم إذا أمر ونهى فلا بد أن يؤذى في العادة فعليه أن يصبر ويحلم كما قال
تعالى { وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}

وقد أمر الله نبيه بالصبر على أذى المشركين في غير موضع وهو إمام الآمرين
بالمعروف الناهين عن المنكر فإن الإنسان عليه أولا أن يكون أمره لله وقصده طاعة الله
فيما أمره به وهو يحب صلاح المأمور أو إقامة الحجة عليه

 فإن فعل ذلك لطلب الرياسة لنفسه
ولطائفته وتنقيص غيره كان ذلك حمية لا يقبله الله

وكذلك إذا فعل ذلك لطلب السمعة والرياء كان عمله حابطا

 ثم إذا رد عليه ذلك وأوذي أو نسب
إلى أنه مخطىء وغرضه فاسد طلبت نفسه الانتصار لنفسه وأتاه الشيطان فكان مبدأ عمله لله
ثم صار له هوى يطلب به أن ينتصر على من آذاه وربما اعتدى على ذلك المؤذي

وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة إذا كان كل منهم يعتقد أن الحق معه
وأنه على السنة

 فإن أكثرهم قد صار لهم في ذلك
هوى أن ينتصر جاههم أو رياستهم وما نسب إليهم

لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله بل يغضبون
على من خالفهم وإن كان مجتهدا معذورا لا يغضب الله عليه ويرضون عمن يوافقهم وإن كان
جاهلا سيىء القصد ليس له علم ولا حسن قصد

فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله ويذموا من لم يذمه الله
ورسوله وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله

وهذا حال الكفار الذين لا يطلبون إلا أهواءهم ويقولون هذا صديقنا وهذا
عدونا وبلغة المغل هذا بال هذا باغي لا ينظرون إلى موالاة الله ورسوله ومعاداة الله
ورسوله

ومن هنا تنشأ الفتن بين الناس قال الله تعالى { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة
ويكون الدين كله لله } فإذا لم يكن الدين كله لله وكانت فتنة

وأصل الدين أن يكون الحب لله والبغض لله والموالاة لله والمعاداة لله والعبادة
لله والإستعانة بالله والخوف من الله والرجاء لله والإعطاء لله والمنع لله وهذا إنما
يكون بمتابعة رسول الله الذي أمره أمر الله ونهيه نهي الله ومعاداته معاداة الله وطاعته
طاعة الله ومعصيته معصية الله

وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك ولا يطلبه
ولا يرضى لرضا الله ورسوله ولا يغضب لغضب الله ورسوله

بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه ويكون
مع ذلك معه شبهة دين أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة وهو الحق وهو الدين

فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام ولم يكن قصده أن يكون
الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء
ليعظم هو ويثنى عليه

أو فعل ذلك شجاعة وطبعا أو لغرض من الدنيا لم يكن لله ولم يكن مجاهدا في
سبيل الله

فكيف إذا كان الذي يدعي الحق والسنة هو كنظيره معه حق وباطل وسنة وبدعة
ومع خصمه حق وباطل وسنة وبدعة “

قلت : ينبغي لمن فرط منا أن يطيل النظر في هذا الكلام ويبكي على خطيئته

وليعلم أن كلام شيخ الإسلام في الرفق هو باعتبار الأصل وإلا فالشدة تشرع
في مواطن عديدة وشيخ الإسلام نفسه انتقدوا عليه شدته على المخالفين

وهو في عامة ذلك يأتي بها في وقتها

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/53):” فان المؤمن للمؤمن
كاليدين تغسل إحداهما الاخرى وقد لا ينقلع الوسخ الا بنوع من الخشونة لكن ذلك يوجب
من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين “

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم