فهذا كلام لزيد المدخلي من تعليقه
على كتاب السنة للخلال المجلس الثامن ( وهو موجود بصوته في هذه الشبكة )
قال القاريء على زيد المدخلي
:” وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ
الْوَرَّاقُ لِلَّذِي رَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى الإِسْلاَمِ ,
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الأَصْبَهَانِيُّ : هَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَ بِهِ
الْعُلَمَاءُ مُنْذُ سِتِّينَ وَمِئَةِ سَنَةٍ ,
وَلاَ يَرُدُّهُ إِلاَّ أَهْلُ
الْبِدَعِ , قَالَ : وَسَأَلْتُ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ,
فَقَالَ : كَتَبْتُهُ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً , وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَرُدُّهُ
إِلاَّ أَهْلُ الْبِدَعِ , وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ , وَمَا يُنْكِرُ هَذَا إِلاَّ أَهْلُ الْبِدَعِ , قَالَ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ
: هَذَا حَدِيثٌ يُسَخِّنُ اللَّهُ بِهِ أَعْيَنَ الزَّنَادِقَةِ , قَالَ : وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيَّ يَقُولُ : مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمْ يَسْتَوْجِبْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ فَهُوَ كَافِرٌ
بِاللَّهِ الْعَظِيمِ , قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْخَفَّافَ
يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ يَعْنِي الْعَابِدَ يَقُولُ : نَعَمْ
, يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ لِيَرَى الْخَلاَئِقُ مَنْزِلَتَهُ.
فعلق المدخلي بقوله
:” هذه الآثار المتعددة تدل
على صحة الحديث لأن هؤلاء أئمة فكونه ورد
من بعض الطرق ضعيف وورد من بعضها صحيح بل الكثير صححوه فوجب الأخذ به وأنه مما
يكرم الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ولا يقدح في جناب التوحيد أبداً فهؤلاء أئمة كبار صححوه “
قلت : هذا
مع أنه مال في بداية المجلس إلى القول بأن المقام المحمود هو الشفاعة فقط
ولكنه في آخر المجلس قال هذا الكلام والحمد لله
والحقيقة أنه لا تعارض
قال ابن حجر في شرح البخاري (2/416)
:” قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ :
وَالْأَكْثَر عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْمَقَامِ الْمَحْمُود الشَّفَاعَة ،
وَقِيلَ إِجْلَاسه عَلَى الْعَرْش ، وَقِيلَ عَلَى الْكُرْسِيّ ، وَحَكَى كُلًّا
مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَنْ جَمَاعَة ، وَعَلَى تَقْدِير الصِّحَّة لَا يُنَافِي
الْأَوَّل لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْإِجْلَاس عَلَامَة الْإِذْن فِي
الشَّفَاعَة ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْمَقَامِ الْمَحْمُود
الشَّفَاعَة كَمَا هُوَ مَشْهُور وَأَنْ يَكُون الْإِجْلَاس هِيَ الْمَنْزِلَة
الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْوَسِيلَةِ أَوْ الْفَضِيلَة . وَوَقَعَ فِي صَحِيح
اِبْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث كَعْب بْن مَالِك مَرْفُوعًا ” يَبْعَث اللَّه النَّاس
، فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ، فَأَقُول مَا شَاءَ اللَّه أَنْ أَقُول
” فَذَلِكَ الْمَقَام الْمَحْمُود ، وَيَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِالْقَوْلِ
الْمَذْكُور هُوَ الثَّنَاء الَّذِي يُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْ الشَّفَاعَة .
وَيَظْهَر أَنَّ الْمَقَام الْمَحْمُود هُوَ مَجْمُوع مَا يَحْصُل لَهُ فِي تِلْكَ
الْحَالَة ، وَيُشْعِرُ قَوْله فِي آخِرِ الْحَدِيثِ ” حَلَّتْ لَهُ
شَفَاعَتِي ” بِأَنَّ الْأَمْر الْمَطْلُوب لَهُ الشَّفَاعَة ، وَاَللَّه
أَعْلَم “
وظاهر هذا أن ابن حجر يقول بهذا الأثر !
وقد استظهر ذلك المعلقون على النونية في طبعة دار عالم الفوائد
بل له كلام آخر أوضح يدل على أخذه
بالأثر
قال في شرح البخاري (18/403)
:” وَيُمْكِن رَدُّ الْأَقْوَال
كُلّهَا إِلَى الشَّفَاعَة الْعَامَّة ، فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ لِوَاءَ الْحَمْد وَثَنَاءَهُ
عَلَى رَبِّهِ وَكَلَامِهِ بَيْن يَدَيْهِ وَجُلُوسه عَلَى كُرْسِيِّهِ وَقِيَامه أَقْرَبِ مِنْ جِبْرِيل كُلّ ذَلِكَ صِفَات لِلْمَقَامِ الْمَحْمُود الَّذِي يَشْفَع فِيهِ لِيُقْضَى بَيْن الْخَلْق
“
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في
فتاويه (2/ 136) :” المقام المحمود قيل الشفاعة العظمى وقيل إنه إجلاسه معه على العرش كما هو المشهور من قول أهل السنة والظاهر أنه لا منافاة بين القولين فيمكن الجمع بينهما بأن كلاهما من
ذلك والإقعاد على العرش أبلغ “
وكذا قال بهذا الأثر صالح الفوزان كما في تعليقه على النونية وقبلهم
الشيخ سليمان بن سحمان وقبلهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى
(4/ 374) :” رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ فَضِيلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ؛
فِي تَفْسِيرِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}
وَذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى
مَرْفُوعَةٍ وَغَيْرِ مَرْفُوعَةٍ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا لَيْسَ مُنَاقِضًا
لِمَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ
بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ وَيَدَّعِيه
لَا يَقُولُ إنَّ إجْلَاسَهُ عَلَى الْعَرْشِ مُنْكَرًا – وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْجَهْمِيَّة وَلَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مُنْكَرٌ”
وقال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل
والنقل (5/237) :” وفيها اشياء عن بعض السلف رواها بعض الناس مرفوعة كحديث
قعود الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة وهي
كلها موضوعة وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول
وقد يقال إن مثل هذا لا يقال إلا توقيفا
لكن لا بد من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول وما ثبت من كلام غيره سواء كان من
المقبول أو المردود “
وداعي هذا التنبيه أنه بلغني عن بعض الجهلة
أنه يضلل من يأخذ بهذا الأثر ، أو يرميه بموافقة أهل البدع
حتى جاءني بعضهم وقال ( من الملاحظات
عليك أنك تأخذ بهذا الأثر )!
نعوذ بالله من الجهل والعدوان ، فهؤلاء
فاقوا الغلاة في الغلو في التبديع والله المستعان ،هذا مع تميعهم مع أهل البدع
فجمعوا بين السوأتين التمييع والغلو .
وإننا إنما نخوفهم بالله الذي فوقنا وفوقهم وما لنا عليهم من سلطان ، فالظلم
ظلمات يوم القيامة ، والعجب أن المشايخ الذين تكثروا بهم في مسألة أهل الرأي هم
يخالفونهم في هذا
فهذا يدل على الهوى المتأصل
في القوم والله المستعان
ونحن في هذه وتلك ما خرجنا عن الأثر
وكانوا يرون الرجل على الطريق ما دام على الأثر ، وعليك بآثار من سلف وإن رفضك
الناس ( أليست هذه الآثار التي يرددونها معنا ؟) .
قال ابن القيم في النونية وهو يتكلم عن
هذا الأثر
إن كان تجسيما فإن مجاهدا … هو شيخهم بل شيخه الفوقاني
وأنا أقول إن كان ضلالاً فإن مجاهداً هو
شيخهم بل شيخه الفوقاني ( يعني ابن عباس ) والله المستعان
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم