فهذه قاعدة مهمة في التكفير وهي أن من وقع في كفر أكبر لا يشترط أن يعلم
أن هذا الفعل كفرٌ أكبر لكي يكفر بل يكفي أن يعلم أن هذا الفعل منهي عنه
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 273) :
” وَهَؤُلَاءِ الصِّنْفُ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ
غَيْرُ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ حَلَفُوا بِاَللَّهِ
مَا قَالُوا وَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ الَّتِي كَفَرُوا بِهَا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ
وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ سَعَوْا فِي ذَلِكَ
فَلَمْ يَصِلُوا إلَى مَقْصُودِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ : هَمُّوا بِمَا لَمْ
يَفْعَلُوا لَكِنْ { بِمَا لَمْ يَنَالُوا } فَصَدَرَ مِنْهُمْ قَوْلٌ وَفِعْلٌ قَالَ
تَعَالَى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ
} فَاعْتَرَفُوا وَاعْتَذَرُوا ؛ وَلِهَذَا قِيلَ : { لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ
بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ
كَانُوا مُجْرِمِينَ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ
قَدْ أَتَوْا كُفْرًا بَلْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْرِ فَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ
بِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُفْرٌ يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ بَعْدَ إيمَانِهِ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ إيمَانٌ ضَعِيفٌ فَفَعَلُوا هَذَا الْمُحَرَّمَ
الَّذِي عَرَفُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلَكِنْ لَمْ يَظُنُّوهُ كُفْرًا وَكَانَ كُفْرًا
كَفَرُوا بِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا جَوَازَهُ وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ
مِنْ السَّلَفِ”
وعليه فإن من سب الله عز وجل وهو يعلم أن هذا السب حرام ولكن لا يعلم أنه
كفر أكبر فإنه يكفر
ويدل على هذا المعنى حديث من جامع أهله في نهار رمضان ألزمه النبي صلى
الله عليه وسلم بالكفارة ، وهو لم يعلم بها ولكنه علم أن فعله محرم
ومن هذا تعلم غلط القاعدة التي يقررها بعضهم في أن كل فعل اختلف أهل العلم في تكفير فاعله لا يكفر فاعله حتى يكون معتقداً لكون هذا الفعل كفراً فإن هذه القاعدة باطلة تناقض القاعدة السابقة المتقررة
وهذا في المسائل التي قد تخفى على بعض الناس وأما المسائل الظاهرة فلا يشترط شرط سوى السلامة من الإكراه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم