الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (2/191) :
” ومن رحمة الله تعالى أن
الدعاء المتضمن شركًا ، كدعاء غيره أن يفعل ، أو دعائه أن يدعو ، ونحو ذلك – لا يحصل
غرض صاحبه ، ولا يورث حصول الغرض شبهة إلا في الأمور الحقيرة .
فأما الأمور العظيمة ، كإنزال
الغيث عند القحوط ، أو كشف العذاب النازل ، فلا ينفع فيه هذا الشرك .
كما قال تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ
عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ }{ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ }{ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ
مَا تُشْرِكُونَ } وقال تعالى : { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا
إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا
} .
وقال تعالى : { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفَاءَ الْأَرْضِ } .
وقال تعالى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ
الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا }{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ
كَانَ مَحْذُورًا } .
وقال تعالى : { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا
لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ }{ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا
}.
فكون هذه المطالب العظيمة لا يستجيب
فيها إلا هو سبحانه ، دل على توحيده ، وقطع شبهة من أشرك به ، وعلم بذلك أن ما دون
هذا أيضًا من الإجابات إنما فعلها هو سبحانه وحده لا شريك له ، وإن كانت تجري بأسباب
محرمة أو مباحة “
كلام شيخ الإسلام هذا جليل ، وقل من ينبه عليه ، وهو أن المشركين قد يجاب
دعاؤهم لمعبوديهم استدراجاً ، غير أن هذا الاستدراج لا يكون في الأمور العظيمة الجليلة
كإنزال الغيث عند القحوط ، أو كشف العذاب النازل، بل في هذه لا ينفع إلا توحيد الله
عز وجل .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم