قال الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/424)
:” وَقَالَ أَحْمَد بْن منيع: ” من زعم أَنه مَخْلُوق فَهُوَ جهمي، وَمن
وقف فِيهِ فَإِن كَانَ مِمَّن لَا يعقل مثل البقالين وَالنِّسَاء وَالصبيان سكت
عَنهُ وَعلم، وَإِن كَانَ مِمَّن يفهم فَأَجره فِي وَادي الْجَهْمِية، وَمن قَالَ
لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ جهمي “
أقول : ابن منيع هنا يتكلم عن المعين
بدليل ذكره ما يقترن بأوصاف الأعيان من الفهم وعدمه
وتأمل كيف أنه فرق بين اللفظي فحكم
بجهميته مطلقاً والواقفي الذي يقف في القرآن فجعله إن كان يفهم ( يعني ليس عامياً )
جهمياً ولم يشترط لهذا شرطاً زائداً على ما ذكر
وهذا نص الإمام أحمد
قال الخلال في السنة 1788- وَأَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي
يَقُولُ : مَنْ كَانَ فِي أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَوْ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلاَمِ , فَأَمْسَكَ
عَنْ أَنْ يَقُولَ : الْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ , فَهُوَ جَهْمِيٌّ.
يعني هو جهمي وإن كانت أصوله سلفية كما
يقولون اليوم !
فهذا حكم الواقفي الذي لا يجزم بنفي الصفة
فكيف بمن نفاها لا شك أنه جهمي قولاً واحداً من باب أولى والجهمية كفار عند السلف
فكيف بمن قال بمذهب الأشاعرة في القرآن
الذي هو أكفر من مذهب المعتزلة ( كما قال شارح الطحاوية ) لا شك أنه أولى بالحكم
أنه جهمي
فكيف بمن نفى صفة العلو التي الأدلة عليها
أصرح وأقوى من صفة الكلام وكفر منكر العلو أظهر من كفر القائل بخلق القرآن ( كما
قال شيخ الإسلام ) لا شك أنه جهمي من باب
بل لم يكن الجهمية الذين كفرهم السلف كلهم
ينكرون العلو بل كان هذا قول غلاتهم
قال البخاري في خلق أفعال العباد 70- وَحَدَّثَنِي
أَبُو جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُوسَى الأَشْيَبَ ، وَذَكَرَ
الْجَهْمِيَّةَ فَنَالَ مِنْهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : أُدْخِلَ رَأْسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ
الزَّنَادِقَةِ يُقَالُ لَهُ شَمْعَلَةُ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقَالَ : دُلَّنِي
عَلَى أَصْحَابِكَ فَقَالَ : أَصْحَابِي أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : دُلَّنِي
عَلَيْهِمْ فَقَالَ : صِنْفَانِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْقِبْلَةَ ، الْجَهْمِيَّة
وَالْقَدَرِيَّةُ ، الْجَهْمِيُّ إِذَا غَلاَ ، قَالَ : لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ
وَأَشَارَ الأَشْيَبُ إِلَى السَّمَاءِ وَالْقَدَرِيُّ إِذَا غَلاَ قَالَ : هُمَا
اثْنَانِ خَالِقُ شَرٍّ ، وَخَالِقُ خَيْرٍ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَصَلَبَهُ
فجعل إنكار العلو قول غلاة الجهمية
وقد صرح شيخ الإسلام أن السلف في كثير من
كلامهم يكفرون اللفظية
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/421)
:” وَأَمَّا الْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ – الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقُرْآنِ
الْمُنَزَّلِ تِلَاوَةُ الْعِبَادِ لَهُ – وَهِيَ ” مَسْأَلَةُ
اللَّفْظِيَّةِ ” فَقَدْ أَنْكَرَ بِدْعَةَ ” اللَّفْظِيَّةِ ” الَّذِينَ
يَقُولُونَ: إنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتَهُ وَاللَّفْظَ بِهِ مَخْلُوقٌ
أَئِمَّةُ زَمَانِهِمْ جَعَلُوهُمْ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَبَيَّنُوا أَنَّ
قَوْلَهُمْ: يَقْتَضِي الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ
كَلَامِهِمْ تَكْفِيرُهُمْ. وَكَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ
لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْهُ أَوْ عِبَارَةٌ
عَنْهُ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُصْحَفِ وَالصُّدُورِ إلَّا كَمَا أَنَّ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا
مَحْفُوظٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ
الزُّهْرِيّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي الْوَلِيدِ الْجَارُودِيَّ وَمُحَمَّدِ بْنِ
بَشَّارٍ وَيَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الدورقي وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
أَبِي عَمْرٍو الْعَدَنِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذهلي وَمُحَمَّدِ بْنِ
أَسْلَمَ الطوسي وَعَدَدٍ كَثِيرٍ لَا يُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ
الْإِسْلَامِ وَهُدَاتِهِ”
وقد صرح أيضاً أن اللفظية أحسن مذهباً من
الأشاعرة في القرآن وأنهم لا ينكرون العلو
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/379)
:” وهذا فيه من زيادة البدع ما لم يكن فى قول اللفظية من أهل الحديث الذين
أنكر عليهم أئمة السنة وقالوا هم جهمية إذ جعلوا الحروف من إحداث الرسول وليست مما
تكلم الله به بحال وقالوا أنه ليس لله فى الأرض كلام”
فهنا يبين الفرق بين مذهبهم ومذهب
الأشاعرة ومع ذلك السلف كفروا اللفظية وجهموهم
فكيف بمن مع إنكاره للعلو وصف قول أهل
السنة بأنه قول المجسمة وأول النصوص التي يحتج بها أهل السنة وكابر الفطرة
لا شك أن هذا أولى بوصف التجهم من كل من
سبق ذكره
فكيف بمن مع إنكاره للعلو قال بأن اليهودي
إذا شهد الشهادتين مع إيمانه بالعلو لا يكون مسلماً ؟
لا شك أن هذا أولى بوصف التجهم من كل
السابقين
فكيف بمن مع إنكاره العلو وقوله في القرآن
بقول منكر قال بإنكار عامة الصفات تحريفاً وتفويضاً
لا شك أن هذا من أقحاح الجهمية وهو أعظم
تجهماً من كل من سبق ذكرهم
فكيف إذا استيقنا أنه اطلع على النصوص
التي تخالف مذهبه وكان من برهان انتكاس قلبه مخالفته لعقيدة أهل السنة في الإيمان
والقدر والتحسين والتقبيح والنبوات ومسائل توحيد الألوهية ؟
فإن قلت : ما هو وادي الجهمية الذي عناه
ابن منيع
قلت لك : هو التكفير ولا شك وهذا إجماع
السلف
قال البخاري في خلق أفعال العباد 39- قَالَ
زُهَيْرٌ السِّجِسْتَانِيُّ : سَمِعْتُ سَلاَّمَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ ، يَقُولُ : الْجَهْمِيَّةُ
كُفَّارٌ.
وقال أيضاً
41- وَقَالَ وَكِيعٌ : أَحْدَثُوا
هَؤُلاَءِ الْمُرْجِئَةُ هولاء الْجَهْمِيَّةُ – وَالْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ – وَالْمَرِّيسِيُّ
جَهْمِيٌّ ، وَعَلِمْتُمْ كَيْفَ كَفَرُوا ، قَالُوا : يَكْفِيكَ الْمَعْرِفَةُ ،
وَهَذَا كُفْرٌ ، وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ : الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلاَ فِعْلٍ ،
وَهَذَا بِدْعَةٌ ، فَمَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا
أَنزَلَ الله عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَتَابُ
وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وقال ابن خزيمة في التوحيد :” وقول هؤلاء
المعطلة يوجب أن كل من يقرأ كتاب الله ، ويؤمن به إقرارا باللسان وتصديقا بالقلب
فهو مشبه ، لأن الله ما وصف نفسه في محكم تنزيله بزعم هذه الفرقة ومن وصف يد خالقه
فهو : يشبه الخالق بالمخلوق ، فيجب على قود مقالتهم : أن يكفر بكل ما وصف الله به
نفسه في كتابه ، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم عليهم لعائن الله ؛ إذ هم كفار
منكرون لجميع ما وصف الله به نفسه في كتابه ، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم
غير مقرين بشيء منه”
وقال عبد الله بن أحمد في السنة 1 – حدثني
الحسن بن عيسى مولى عبد الله بن المبارك ، حدثنا حماد بن قيراط ، قال : سمعت
إبراهيم بن طهمان ، يقول : « الجهمية كفار ، والقدرية كفار »
وقال أيضاً 463 – وقال أبي رحمه الله : « حديث
ابن مسعود رضي الله عنه » إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت كجر السلسلة على
الصفوان « قال أبي : وهذا الجهمية تنكره وقال أبي : هؤلاء كفار يريدون أن يموهوا
على الناس ، من زعم أن الله عز وجل لم يتكلم فهو كافر ، ألا إنا نروي هذه الأحاديث
كما جاءت
ونقل حرب واللالكائي وابن بطة والآجري
وغيرهم الإجماع على تكفيرهم
بل الإجماع منعقد على أن من شك في كفر
الجهمي فهو كافر
قال عبد الله بن أحمد في السنة 19 – حدثني
غياث بن جعفر ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : « القرآن كلام الله عز وجل ،
من قال : مخلوق ، فهو كافر ، ومن شك في كفره فهو كافر »
وجاء في عقيدة الرازيين التي نقلا عليها
إجماع علماء الأمصار :” من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا
ينقل عن الملة . ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر”
وكذا نقل حرب الإجماع على أن من لم يكفر
الجهمية بأصنافهم أنه منهم
وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/507)
:” وقال ابو عبيد القاسم بن سلام نظرت في كلام اليهود والمجوس فما رأيت قوما
أضل في كفرهم منهم وانى لأستجهل من لا يكفرهم الا من لا يعرف كفرهم”
هذا نص كلام البخاري فلعل الأمر اختلط على
الشيخ أو كان كلام أبي عبيدة وقال نظيره البخاري
فاعجب ممن يقر في هذه النصوص في الجهمية
ثم يخالفها في غلاة الجهمية الذين ينكرون العلو ويقولون ليس في مكان وينكرون عامة
الصفات وقسم منهم يبدع الموحدين وقسم يكفرهم
وسواءً حملنا هذا التكفير على العموم أو
التعيين فإنكاره في الأشاعرة محض مكابرة توقع المرء تحت طائلة النصوص السابقة من
السلف
وأعظم من هذا إنكار بعض الناس من
المعاصرين القول بتكفير الجهمية الإناث بل ونقله الإجماع على خلافه
بل وتفضيله الجهمية الذين ينكرون الصفات
على الموحدين
فتجده يقول في الجهمي ( إمام من أئمة أهل
السنة ) أو ( سني ) أو ( من بدعه فهو مبتدع )
ويصف الموحد الذي يقر بجميع صفات الله
ويعتقد عقيدة أهل السنة في الإيمان والقدر والنبوات بأنه ( غالي ) أو ( مبتدع ) أو
( متعجل ) أو غيرها من أوصاف التضليل أو التحقير
وقد قال سفيان الثوري فيمن يفضل علياً على
الشيخين ( أخشى ألا يرفع له عمل )
فكيف بمن يفضل الجهمي على الموحد ؟
ويؤذي الموحد في الجهمي ؟
ومن الظاهرية الحمقاء أنك تجد بعضهم يقول
في بعض الجهمية ( لم يبدعه أحد ) !
ويا ليت شعري إذا احتجنا في كل حادثة عين
إلى نص مخصوص فما فائدة القواعد العامة ؟
وهذا نظير قول من يقول ( أريد نصاً من
القرآن على تحريم الدخان ) ؟ فإذا أتيته بالعمومات التي يؤمن بها حتى الظاهرية قال
( أريد نصاً هكذا التدخين حرام ) !
ومن كان عندك بينه وبين الكفر قيام الحجة كيف يكون سنياً فضلاً عن الإمامة في السنة
هذا الجهمي يدخل في عموم نصوص السلف ( من
قال كذا فهو جهمي ) بل يدخل فيها من باب قياس الأولى فقد جهم السلف من هو خيرٌ من
هؤلاء الجهمية المتأخرين بمراحل فقد حكم أحمد على أبي ثور بأنه جهمي لقوله في حديث
الصورة فقط
واعجب لمن يزعم أن لم يفهم أوضح المسائل
وهي مسائل التوحيد والإيمان والقدر الأمة بحاجة إلى فهمه فيما هو أغمض من ذلك !
ويا ليت شعري من قال عنه ( سني مع نصرته لعقائد الأشاعرة )
وهذا القول بعدم تكفير الجهمية أخطر من
القول بالخروج على الحاكم الفاسق فإن الخوارج مختلف في تكفيرهم غير أن الحاكمين
بإسلام الجهمية لا تختلف كلمة السلف في الحكم بوقوعهم في الكفر إذا اتضح لهم كفر
الجهمية ومعارضتهم لكل ما جاءت به الرسل
فكيف إذا أضفنا إلى هذا إنكار عدد من
إجماعات السلف وآثارهم مع التنكر لموقفهم من أهل الرأي
قال ابن المبرد في جمع الجيوش والدساكر ص144
:” ثُمَّ أَخَذَ يَذْكُرُ مَوْلِدَ الأَشْعَرِيِّ وَوَفَاتَهُ، مِنْ طُرُقٍ
مُتَعَدِّدَةٍ بِأُمُورٍ مُطَوَّلَةٍ لَا طَائِلَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَابَ مَا
ذُكِرَ مِنْ مُجَانَبَتِهِ لأَهْلِ الْبِدَعِ وَاجْتِهَادِهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ
نَصِيحَتِهِ لِلأُمَّةِ وَصِحَّةِ اعْتِقَادِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ زَاهِرِ بْنِ
أَحْمَدَ، أَنَّهُ حَضَرَ الأَشْعَرِيَّ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ يَلْعَنُ
الْمُعْتَزِلَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ دَعَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ
لَهُ: إِنِّي لا أُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ، لأَنَّ
الْكُلَّ يُشِيرُونَ إِلَى مَعْبُودٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كُلُّهُ اخْتِلافُ
الْعِبَارَاتِ، ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ هَذَا مَنْقَبَةٌ، وَأَرَاهُ مَذَمَّةً
لأَنَّهُ مَيْلٌ إِلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ
أَهْلِ الأَهْوَاءِ”
إي والله هي مذمة لمخالفتها لإجماع السلف
ومناط تكفير المعتزلة موجود في الأشاعرة
قال ابن القيم كما في مختصر الصواعق ص524
وهو يتكلم عن الأشاعرة :” فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْأُخُوَّةَ الَّتِي بَيْنَ
هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى
تَكْفِيرِهِمْ، وَأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي التَّعْطِيلِ
فَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: هَذَا الْكَلَامُ الْعَرَبِيُّ هُوَ الْقُرْآنُ
حَقِيقَةً لَا عِبَارَةً عَنْهُ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنَّهُ غَيْرُ
مَخْلُوقٍ”
وقد تقدم لك كلام السلف في فيمن قال بقول
المعتزلة وقولهم فيمن لم يكفره
وبعض الناس يقول :” من وقع في بدعة ظاهرة فيجب تبديعه ومن لم يبدعه فهو مبتدع آثم أتى أمرا منكرا”
فماذا عمن ينكر العلو واليد والوجه والصفات الفعلية وتعليل أفعال الله ويقول بالتبرك والتوسل والاستغاثة ويقول بمقالات الأشاعرة في الإيمان والقدر والنبوات ويقول بالمولد ويستدل له ؟
لماذا الغضب له واحمرار الأنف شاهدين على أنفسكم بالبدعة ؟
إذا علمت هذا علمت غرور المغرورين الذين
خدعهم الشيطان بتسليطهم على بعض أهل الباطل من الإخوان وغيرهم وظنهم أنهم بذلك فقط
صاروا حماة للسنة وينزلون على أنفسهم آثار الغربة وحقيقة أمرهم أنهم إنما آمنوا
ببعض اعتقاد السلف وضلوا عن البعض الآخر بدليل ضيق صدورهم بكثير من كلام السلف
وإنكارهم على من ينشره وتصريحهم بدفعه في أحيان عديدة مستدلين بكلمات لبعض من مهما
بلغ من الفضل لا يصلح أن يكون كلامه حاكماً على كلام السلف وهذا ( البعض ) هم
أنفسهم يخالفونه في مسائل معلومة يصيرون القائل بقوله فيها من الغلاة الذين يجب
هجرهم والتحذير منهم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم