في هذه الأيام المباركات لا تغفل عن بركة المؤمن على المؤمن…

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

{إنما المؤمنون إخوة} وهذه الأخوَّة لها من البركة الشيء العظيم، غير أن كثيراً من الناس غافلون عن استثمار هذه الأخوَّة.

فمَن أحسن مراعاتها جاءه الأجر العظيم وهو جالس في بيته.

وأضرب هنا ثلاثة أمثلة على ذلك مما الناس عنه في غفلة مع عظيم أجره، وهو من آثار بركة المؤمن على المؤمن:

  1. الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.
  2. محبة الخير لهم.
  3. العفو عن مسيئهم.

أما الاستغفار لهم فذلك عمل الأنبياء والملائكة.

قال تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} [إبراهيم].

وعن نوح عليه الصلاة والسلام: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا} [نوح].

وقال آمراً نبيه ﷺ: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم} [محمد].

وقال تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم} [غافر].

الاستغفار للمؤمنين مظنة مغفرة،

إذ يقول لك الملك إذا دعوت لأخ لك: «ولك بمثله».

وقد ورد في الحديث عند الطبراني في مسند الشاميين: «من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة».

وفي سنده ضعف، غير أنه لا يبعد في الكرم الإلهي، فقد رُوي في الحديث الصحيح: «إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم، فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض» وهذه كتلك لو تأملت.

وأما تمني الخير لهم:

ففي الحديث الصحيح: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وأول ما تحب لهم الهداية والمغفرة، وبرهانها الاستغفار السابق، وتحب لهم المنافع الدنيوية والأخروية، فتحب لمريضهم الشفاء ولمبتلاهم الفرج ولمشردهم الأمان والمسكن ولفقيرهم الكفاية وهكذا، ولا تحسد ذا نعمة منهم، بل تدعو له وتُبرِّك.

وهذه العبادة باطنة لا يطلع عليها إلا الله، غير أن لها آثاراً تظهر وتتعودها بمشاركة الناس في أفراحهم ومواساتهم في أحزانهم، ومن لم تصله من أهل الإسلام تدعو له بالخير، وعوِّد نفسك دائماً تمني الخير لهم والتعبد لله عز وجل بذلك.

وأما الثالثة: العفو عن المسيء منهم:

فهذه تتقاطع مع السابقة في أن استغفارك لهم يعني تمني المغفرة لهم، وهذا يتناسب مع عفوك في حقك، والله لا يُضيع أجر المحسنين والراحمون يرحمهم الرحمن، والعفو لا يناقض بيان الحق ودفع الإساءة إن كانت تشويه سمعة أو افتراء؛ ولكن مع ذلك تعفو في حق نفسك رجاء أن يعفو الله عنك، وتعفو عمن أساء إليك سواءً علمته أم لم تعلمه، ولا تظنن أنك بهذا تُفوِّت على نفسك منفعة أخذ حسنات الرجل، فأهل العفو والصبر آجر من غيرهم بلا خلاف.

فهذه أمور تصنعها في مجلسك فيها ثواب عظيم إن تقبَّلها الله وكلنا رجاء له سبحانه، ثم توكيد صدقك فيها بأن تسعى في كل خير تستطيعه لإخوانك، ورأس ذلك إيصال التوحيد والسنة لهم ثم ما يتبع ذلك من المنافع الدنيوية.