في رحاب التابعي الذي أبكى وعظه عبد الله بن عمر

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن سعد في الطبقات [5207]: أَخبَرنا يَحيَى بن عَبّادٍ, قالَ: حَدَّثَنا شُعبَةُ، عَن أَبي بِشرٍ، عَن يوسُفَ بن ماهَكٍ، قالَ: رَأَيتُ ابنَ عُمَر عِندَ عُبَيد بن عُمَيرٍ وهوَ يَقُصُّ, وعَيناهُ تَهراقان جَميعًا.

أقول : هذا الأثر الصحيح أخذ مني كل مأخذ فعبيد بن عمير كان تابعياً مخضرما ( يعني أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ) ، وكان واعظاً معروفاً والذي شغفني أن عبد الله بن عمر من قدماء الصحابة أسلم في مكة وسمع مواعظ النبي صلى الله عليه وسلم نهل من النبع الصافي وسمع مواعظ الصديق والفاروق وذي النورين وعلي الكرار

فأي واعظ الذي تمكن من عبد الله بن عمر حتى أبكاه وعادة من نهل من النبع الصافي أنه لا يؤثر فيه أي شيء ، بل لا بد أن يلمس من قلبه تلك المواطن التي كان يلمسها وعظ خير الأمة

وهذا يدل على سلامة قلب عبد الله بن عمر وتواضعه وكم من منتسب للعلم يستنكف عن التعلم ممن هو دونه والجلوس في حلقته مع أنه ينتفع بذلك

وإليك بعضاً من أخبار عبيد بن عمير واعظ أهل مكة في زمن الصحابة ( حتى صح أن عبد الله بن الزبير كان يسأله عن أخبار السيرة )

قال مهدى بن ميمون : حدثنا غيلان بن جرير عن عبيد بن عمير أنه كان إذا آخى فى الله استقبل به القبلة و قال : اللهم اجعلنا سعداء بما جاء به نبيك محمد
صلى الله عليه وسلم ، و اجعل محمدا شهيدا علينا بالإيمان و قد سبقت لنا منك
الحسنى ، غير متطاول علينا الأمد و لا قاسية قلوبنا و لا قائلين ما ليس لنا بحق ، و لا سائليك ما ليس لنا به علم.

عبيد بن عمير أدرك الجاهلية لذا هو يفهم حقاً ماذا يعني أن تكون مسلماً وتلك نعمة جحدها كثير ممن منّ الله بها عليه دون تعب وصار يبحث في جاهليات هنا وهناك عن السعادة ولا يجد

وفي الثقات للعجلي : عبيد بن عمير “مكي”، تابعي، ثقة، وكان قاص ( في المطبوع قاضي وهو غلط ) أهل مكة في زمانه، وهو من كبار التابعين، كان ابن عمر يجلس إليه، ويقول: لله در أبي قتادة, ماذا يأتي به؟

ويروى عن مجاهد، قال نفخر على التابعين بأربعة: “قارئنا” عبد الله بن السائب، “ومفتينا” ابن عباس، “ومؤذننا” أبو محذورة، “وقاصنا” عبيد بن عمير، يعني أهل مكة.
قال العجلي: كانت امرأة جميلة بمكة وكان لها زوج، فنظرت يومًا إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها: أترى يرى أحد هذا الوجه لا يفتن به؟ قال: نعم، قالت: من؟ قال: عبيد بن عمير، قالت فأذن لي فيه فلأفتننه، قال: قد أذنت لك! قال: فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام، قال فأسفرت عن مثل فلقة القمر، فقال لها: يا أمة الله! فقالت: إني قد فتنت بك فانظر في أمري؟ قال: إني سائلك عن شيء فإن صدقت نظرت في أمرك، قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك، قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاك يقبض روحك أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أدخلت في قبرك فأجلست للمساءلة أكان يسرك أنى قد قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال صدقت. قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم لا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت قال: فلو أردت المرور على الصراط ولا تدرين تنحني أم لا تنحني كان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو جيء بالموازين وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين كان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو وقعت بين يدي الله للمساءلة كان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال اتق الله يا أمة الله فقد أنعم الله عليك، وأحسن إليك. قال: فرجعت إلى زوجها، فقال: ما صنعت؟ قالت: أنت بطال ونحن بطالون، فأقبلت على الصلاة والصوم.

أقول : هذه القصة عجيبة وتوحي لك لك بشيء من ذلك الوعظ الذي حرك قلب ابن عمر ولاحظ أن المرأة ( سفرت ) يعني كشفت وجهها فقط يعني أن النساء في ذلك الزمان لا يكشفن وجوههن

وهنا جمع لآثاره : https://alkulify.com/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d9%8a%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%86%d8%af-%d9%85%d9%86-%d8%a2%d8%ab%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%a8%d8%b9%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d9%8a%d9%84-%d8%b9-3/