فهنا أجمع أمثلة لعلماء كبار تلبسوا ببدع فحذر منهم علماء أهل السنة غير
مبالين بما عندهم من البدع ولم يرمهم أحد بالغلو أو التنطع بل شكر المنصفون لهم حميتهم
على السنة
1_ الحسن بن صالح بن حيي
قال العقيلي في الضعفاء (2/154) : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثنا إبراهيم
بن سعيد قال : حدثنا خلف بن تميم قال : كان زائدة يستتيب من أتى حسن بن صالح
الحسن بن صالح الذي كان زائدة يستتيب من يذهب إليه كان زاهداً ورعاً يقارن
بسفيان في الزهد والورع بل فضله بعضهم على سفيان وكان يصعق من خشية الله ولم يكن يرفع
رأسه إلى السماء حياء من الله
وليس الأمر كذلك فقط بل كان ثقة في الحديث ولم أقف له على وهم في حديث
في شيء من أبحاثي ، ولعل له وهماً لم أقف عليه غير أنني أردت التدليل على قلة وهمه
وليس كذلك فقط بل كان فقيهاً وله مذهب فقهي وما كان من أهل الرأي والحيل
، وله كلام في التفسير
ولكنه كان يرى السيف فاتخذ معه زائدة هذا الموقف الحازم ، فكيف لو رأى
من لا يبلغ عشر معشار الحسن بن صالح يعظم ويبجل وتضفى عليه الألقاب التي لم تقل في
الحسن في عصره ولا سفيان في عصره ، ولا يحذر منه أحد بل يبين غلطه فتقام عليه الدنيا
وما تقعد ويوضع ألف قيد على من يريد بيان خطئه ولا توضع عليه القيود إذ تكلم في دين
الله عز وجل بالغلط فلله نشكو غربة الإسلام والسنة
2_ ابن حبان البستي
قال الهروي في ذم الكلام 1292 – وسألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان
البستي؛ قلت:
((رأيته قال: كيف لم أره ونحن أخرجناه من سجستان؟! كان له علم كثير، ولم
يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله؛ فأخرجناه من سجستان)).
وابن حبان نص ابن تيمية على أنه على مسلك ابن كلاب في الصفات
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/ 366_367) :” كان أيضا
قد نبغ فى أواخر عصر أبى عبد الله من الكلابية ونحوهم أتباع أبي محمد عبد الله بن سعيد
بن كلاب البصرى الذى صنف مصنفات رد فيها على الجهمية والمعتزلة وغيرهم وهو من متكلمة
الصفاتية وطريقته يميل فيها إلى مذهب أهل الحديث والسنة لكن فيها نوع من البدعة لكونه
أثبت قيام الصفات بذات الله ولم يثبت قيام الامور الاختيارية بذاته ولكن له فى الرد
على الجهمية نفاة الصفات والعلو من الدلائل والحجج وبسط القول ما بين به فضله فى هذا
الباب وافساده لمذاهب نفاة الصفات بأنواع من الأدلة والخطاب وصار ما ذكره معونة ونصيرا
وتخليصا من شبههم لكثير من أولى الألباب حتى صار قدوة وإماما لمن جاء بعده من هذا الصنف
الذين أثبتوا الصفات وناقضوا نفاتها وإن كانوا قد شركوهم فى بعض أصولهم الفاسدة التى
أوجبت فساد بعض ماقالوه من جهة المعقول ومخالفته لسنة الرسول
وكان ممن اتبعه الحارث المحاسبى وأبو العباس القلانسى ثم أبو الحسن الأشعرى
وأبو الحسن بن مهدى الطبرى وأبو العباس الضبعى وأبو سليمان الدمشقى وأبو حاتم البستى
“
والناظر في صحيحه يستبين له ميله إلى التعطيل ، وابن حبان محدث كبير وإمام
في العلل وكتبه في الرجال والعلل لا تدخل في الحصر
ومع ذلك طردوه من بلدهم حمية على السنة
3_ أبو بكر الاسماعيلي
قال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام 1291 – وقال يحيى بن عمار:
((كان مشائخنا يمنعونا من الرحلة إلى الإسماعيلي، ولم أزل من صباتي أسمع
من مشائخنا بشدة أبي إسحاق القراب عليهم؛ حتى كان فيه نفسه رحمه الله)).
والاسماعيلي حافظ كبير وله مصنفات جليلة ، وله كتاب في العقيدة مستقيم
في الجملة ، ولعله في حال تحذيرهم منهم كان على الانحراف ، أو أنهم وقفوا على أمور
لم نقف عليها أو أخذوا عليه النفي التفصيلي في نفي الجسمية وغيرها
ومع سعة علمه حذروا منه ومنعوا من الرحلة إليه
4_ أبو نعيم الأصبهاني الحافظ
قال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام 1330 – وسمعت زيد بن محمد الأصبهاني
وغيره:
((أن أهل أصبهان كانوا إذا رأوا إنساناً يدنو من أبي نعيم الحافظ؛ حصبوه)).
وأبو نعيم الأصبهاني حافظ كبير ومن أئمة الجرح والتعديل في باب الرواة
وله كتاب حلية الأولياء الذي لم يصنف في الإسلام مثله في أخبار الصالحين
وقد ذكر له الذهبي في العرش عقيدة مستقيمة في الصفات في الجملة ، غير أنه
كان من اللفظية النفاة ، وما أدري ما نقموا عليه أيضاً
5_ أبو ذر الهروي الأشعري
قال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في ذم الكلام 1337 – ((وسمعت أحمد بن
الحسن الخاموشي الفقيه الرازي في داره بالري في محفل يلعن الأشعري، ويطري الحنابلة،
وذلك سنة خرجنا مع الحاج)).
1338 – ((ودخلت على أبي محمد القراب وأبي ذر السماك دخلات أسمع الحديث،
فسمع بذاك أبو الحسن الفارسي الفقيه؛ فقال لأبي: كف عبد الله عنهما، وحثه على مجلس
أبي منصور الحاكم)).
أبو ذر الهروي الأشعري حافظ كبير يكفيك من شأنه أن صحيح البخاري لا يروى
إلا من طريقه ومع ذلك حذروا منه
بل قال الهروي 1316 – سمعت الحسن بن أبي أسامة المكي يقول: سمعت أبي يقول:
((لعن الله أبا ذر؛ فإنه أول من حمل الكلام إلى الحرم، وأول من بثه في
المغاربة)).
فأين الموازنات مع من له جهود دعوية ؟!
وتأمل كيف أن هذه الأمثلة كلها في زمن الرواية حيث عامة بضاعة هؤلاء الرواية
وهم غير متهمين فيها فكيف بزماننا حيث يأخذ الناس الرأي لا الرواية
وأين هذه الأمثلة التي ذكرت من أهل البدع في عصرنا إذ لم يصلوا عشر معشارهم
في العلم والفضل ، بل كثير منهم إنما يتقن بعض العلوم أو يكون له نشاط دعوي فيوصف بالعالم
ثم يحاط بالحصانة الدبلوماسية العصرية !
فإذا أخطأ أو ضل كان ذلك محنة على أهل السنة ، أيتكلم أحدهم فيؤكل بلا
ملح ، أو يسكت ويؤثر العاجلة
لا والله لئن يتكلم خيراً له وما عند الله خيرٌ وأبقى
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص212 أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ
عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَى السَّلامَةِ
مِنَ النَّاسِ سَبِيلٌ، فَانْظُرِ الَّذِي فِيهِ صَلاحُكَ، فَالْزَمْهُ»
ولو أنصف الممتحنون لأهل السنة لم يكن خطأ أهل السنة في الأسلوب ( زعموا
) أعظم عندهم من خطأ المخالف في أصل المسألة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم