فكيف لو أدركوا زماننا !

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أحمد في مسنده 20752 – حَدَّثَنَا
عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ قُرْصٍ أَوْ قُرْطٍ: «إِنَّكُمْ
لَتَعْمَلُونَ الْيَوْمَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ
الشَّعْرِ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنَ الْمُوبِقَاتِ» ، فَقُلْتُ لِأَبِي قَتَادَةَ: فَكَيْفَ لَوْ
أَدْرَكَ زَمَانَنَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: «لَكَانَ لِذَلِكَ أَقْوَلَ»

وقال الطبري في تهذيب الآثار 347 – حدثني
أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة ، حدثنا عثمان بن سعيد ، عن محمد بن مهاجر ،
حدثني الزبيدي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : يا ويح لبيد حيث
يقول : ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب قالت عائشة : فكيف لو
أدرك زماننا هذا ؟ قال عروة : رحم الله عائشة ، فكيف لو أدركت زماننا هذا ؟ ثم قال
الزهري : رحم الله عروة ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ ثم قال الزبيدي : رحم الله
الزهري ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال محمد : وأنا أقول : رحم الله الزبيدي ،
فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال أبو حميد : قال عثمان : ونحن نقول : رحم الله محمدا
، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال أبو جعفر : قال لنا أبو حميد : رحم الله عثمان ،
فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال أبو جعفر : رحم الله أحمد بن المغيرة ، فكيف لو
أدرك زماننا هذا ؟ قال الشيخ : رحم الله أبا جعفر ، فكيف لو أدرك زماننا

أقول : الشيخ الأخير هو راوي الكتاب عن
الطبري ، وأقول بعد وفاة الطبري باثني عشر قرناً ( رحمهم الله فكيف لو أدركوا
زماننا )

وقال معمر في جامعه 1062 – عن الزهري ، عن
عروة ، عن عائشة ، قالت : قال لبيد : ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد
الأجرب يتحدثون مخانة وملاذة ويعاب قائلهم وإن لم يشعب ، قال : ثم تقول عائشة : « فكيف
لو أدرك لبيد من نحن بين ظهرانيه » ، قال : معمر : « فكيف لو أدرك الزهري من نحن
بين ظهرانيه »

فهنا معمر يردد عبارة الزبيدي السابقة ،
فانظر رحمك الله كيف هيجت كلمة عائشة تلك كل هؤلاء المحدثين ، وذلك أنهم كانوا
قائمين بأعباء الدين ولا يكون ذلك إلا مقروناً بمثافنة الناس والإصابة من ضرائهم
وإنا لله وإنا إليه راجعون

وقال ابن العديم في بغية الطلب في تاريخ
حلب (4/1711) : أخبرنا أبو بكر طاهر بن الحسين بن علي السمان قال: حدثنا عمي
الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة-
بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن يعقوب بن ثوابة الحمصي قال: حدثنا
محمد بن عوف قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا محمد بن مهاجر عن الزبيدي عن
الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ويح لبيد اذ يقول:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم … وبقيت في
خلف كجلد الأجرب «1»

فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! فقال عروة: رحم
الله عائشة فكيف لو أدركت زماننا هذا؟! قال الزهري: رحم الله عروة فكيف لو أدرك
زماننا هذا؟! فقال الزبيدي: يرحم الله الزهري فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال لنا
عثمان: رحم الله ابن مهاجر كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال يعقوب بن ثوابة: رحم الله
ابن عوف، كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال الشيخ أبو سعد: قال أبو القاسم الحسين ابن
علي وأنا أقول: رحم الله ابن ثوابة كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو سعد وأنا
أقول رحم الله أبا القاسم بن أبي أسامة، كيف لو أدرك زماننا هذا؟! (121- و) قال
أبو بكر طاهر بن الحسين: وأنا أقول: رحم الله عمي أبا سعد كيف لو أدرك زماننا هذا؟!
قال أبو علي: وأنا أقول: رحم الله طاهرا كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال فخر خوارزم:
رحم الله شيخنا أبا علي فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو المؤيد: رحم الله شيخنا
فخر خوارزم فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو القاسم: رحم الله أبا الفضل فكيف لو
أدرك زماننا هذا؟! قلت: رحم الله أبا القاسم فكيف لو أدرك زماننا هذا؟!.

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/194)
:” وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري: ثنا أبو مسهر ثنا سعيد بن عبد
العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر أنه سمع عمر ابن
الخطاب رضي الله عنه يقول: “إن حديثكم شر الحديث إن كلامكم شر الكلام فإنكم
قد حدثتم الناس حتى قيل قال فلان وقال فلان ويترك كتاب الله من كان منكم قائما
فليقم بكتاب الله وإلا فليجلس” فهذا قول عمر لأفضل قرن على وجه الأرض فكيف لو
أدرك ما أصبحنا فيه من ترك كتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة لقول فلان وفلان
فالله المستعان”

أقول : أما أنهم لو تركوا وسكتوا لهان
الأمر لكنهم تركوا ورموا من يخالفهم ممن تمسك بالسنة بالضلالة

وقال  عبد الله أبو بطين في منهاج
التأسيس ص106 :” ولكن الأمر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما تنقض
عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية، وهذا لأنه إذا لم
يعرف الجاهلية والشرك وما عابه القرآن وذمه، وقع فيه وأقره ودعا إليه وصوبه وحسنه،
وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية أو نظيره أو شر منه أو دونه، فتنقض
بذلك عرى الإسلام ويعود المعروف منكرا والمنكر معروفا والبدعة سنة والسنة بدعة،
ويكفر الإنسان بمحض الإيمان وتجريد التوحيد، ويبدع بتجريد متابعة الرسول ومفارقة
الأهواء والبدع، ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانا والله المستعان.

هذا كلامه رحمه الله في زمانه فكيف لو
أدرك هذا الزمان فإنا لله وإنا إليه راجعون”

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب في مفيد
المستفيد في كفر تارك التوحيد :”عن أبي الدرداء قال: “لو خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم اليوم إليكم ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة”.
قال الأوزاعي: فكيف لو كان اليوم؟ قال عيسى يعني الراوي عن الأوزاعي: فكيف لو أدرك
الأوزاعي هذا الزمان؟”

أقول : فكيف لو رأوا زماننا وقد استحكمت
الغربة ولا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه كما أخبر الصادق المصدوق

وقد قال ابن رجب في كشف الكربة ص319
:” قال الأوزاعي في قوله صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود
غريبا كما بدأ» : أما إنه ما يذهب الإسلام ولكن يذهب أهل السنة حتى ما يبقى في
البلد منهم إلا رجل واحد.

ولهذا المعنى يوجد في كلام السلف كثيرا
مدح السنة ووصفها بالغربة ووصف أهلها بالقلة، فكان الحسن – رحمه الله – يقول
لأصحابه: يا أهل السنة! ترفقوا – رحمكم الله – فإنكم من أقل الناس.

وقال يونس بن عبيد: ليس شيء أغرب من السنة
وأغرب منها من يعرفها.

وروي عنه أنه قال: أصبح من إذا عرف السنة
فعرفها غريبا وأغرب منه من يعرفها.

وعن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة
فإنهم غرباء”

فكيف لو أدركوا زماننا ؟!

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم