لست من هواة الاختزال التاريخي ولا تسطيح البحث فيه ولا إستغلال الأحداث التاريخية في نزاعات سياسية معاصرة
ولكنني أودّ الحديث عن أمر يتعلق بالدولة العثمانية من باب العبرة
وسأذكر العبرة قبل أن أذكر الشواهد لعلمي أن كثيرين سيفهمون الأمر خطأ
العبرة هي أن كثيرا مما نراه خطوات نحو التقدم قد فعله العثمانيون فما أغنى عنهم بل كان سببا في ضعفهم وحين تنظر لعدوك على أنه قدوة وتفتك بالقريبين منك عقديا فأنت تحفر قبرك وحين أذكر سلبيات للعبرة فليس معنى ذلك أنه ليس ثمة ايجابيات
وسأذكر شواهد من سليمان القانوني حتى عبد الحميد
قال محمد فريد بك المتوفى ١٣٣٨في تاريخ الدولة العلية العثمانية : وايد السُّلْطَان سليم الامتيازات القنصلية وَزَاد عَلَيْهَا امتيازات اخرى اهمها معافاة كل فرنساوي من دفع الْخراج الشخصي وان يكون للقناصل الْحق فِي الْبَحْث عَمَّن يكون عِنْد العثمانيين من الفرنساويين فِي حَالَة الرّقّ واطلاق سراحهم والبحث عَمَّن اخذهم بِصفة رَقِيق لمجازاته وان يرد السُّلْطَان كَافَّة الاشياء الَّتِي تاخذها قراصنة الْبَحْر من المراكب الفرنساوية ومعاقبة الاخذ لَهَا وان تكون المراكب العثمانية ملزمة بمساعدة مَا يرتطم من السفن الفرنساوية على شواطئ الدولة وبحفظ مَا بهَا من الرِّجَال وَالْمَتَاع وان يكون لفرنسا كل الامتيازات الممنوحة لجمهورية البنادقة
ولزيادة تَوْثِيق عرى الِاتِّحَاد بَين الدولة وفرنسا وَزِيَادَة نُفُوذ اتحادهما اتّفقت الدولتين على ترشيح هنري دي فالوا اخي ملك فرنسا لعرش بولونيا ليَكُون لَهُم ظهيرا ضد النمسا من جِهَة والروسيا من اخرى وَقد تمّ ذَلِك فعلا وَصَارَت بولونيا تَحت حماية الدولة الْعلية حماية فعلية وان لم تكن اسمية وَبِذَلِك صَارَت فرنسا ملكة التِّجَارَة فِي الْبَحْر الابيض الْمُتَوَسّط وَجَمِيع الْبِلَاد التابعة للدولة وارسلت تَحت ظلّ هَذِه المعاهدات عدَّة ارساليات دينية كاثوليكية إِلَى كَافَّة بِلَاد الدولة الْمَوْجُودَة بهَا مسيحيون خُصُوصا فِي بِلَاد الشَّام لتعليم اولادهم وتربيتهم على محبَّة فرنسا وَكَانَت هَذِه الامتيازات الْمُوجبَة لضعف الدولة بِسَبَب تدخل القناصل فِي الاجراءآت الداخلية بِدَعْوَى رفع الْمَظَالِم عَن المسيحيين واتخاذها لَهَا سَبِيلا لامتداد نفوذها بَين رعايا الدولة المسيحيين واهم نتائج هَذَا التدخل واضره مَآلًا واوخمه عَاقِبَة اسْتِعْمَال هَذِه الارساليات الدِّينِيَّة فِي حفظ جنسية ولغة كل شعب مسيحي حَتَّى إِذا ضعفت الدولة امكن هَذِه الشعوب الِاسْتِقْلَال بمساعدة الدول المسيحية اَوْ الانضمام إِلَى احدى هاته الدول كَمَا شوهد ذَلِك فِي هَذَا الْقرن الاخير مِمَّا سياتي مفصلا بالشرح الْكَافِي وَالْبَيَان الوافي”
وقال متحدثا عن السلطان بعده :
وَكَانَت علاقات هَذَا السُّلْطَان مَعَ فرانسا حَسَنَة جدا وَكَذَلِكَ مَعَ جمهورية البندقية فجدد لَهما الامتيازات القنصلية والتجارية مَعَ زِيَادَة بعض بنود فِي صالحهما اهمها ان يكون سفير فرنسا مقدما على كَافَّة سفراء الدول الاخرى فِي المقابلات والاحتفالات الرسمية حَيْثُ كثر توارد السفراء على بَابه العالي للسعي فِي ابرام معاهدات تجارية تكون ذَرِيعَة فِي الْمُسْتَقْبل للتدخل الْفعْلِيّ وَفِي ايامه تحصلت ايزابلا ملكة الانكليز على امتياز خصوصي لتجار بلادها وَهِي ان مراكبها تحمل الْعلم الانكليزي.
وقال أيضا : وَفِي سنة 1612 تحصلت ولايات الفلمنك على امتيازات تجارية تضارع مَا منحته
كل من فرنسا وانكلترا وهم أَي الفلمنك الَّذين ادخُلُوا فِي الْبِلَاد الاسلامية اسْتِعْمَال التبع أَي تدخين الدُّخان فعارض الْمُفْتِي فِي اسْتِعْمَاله واصدر فَتْوَى بِمَنْعه فهاج الْجند واشترك مَعَهم بعض مستخدمي السراي السُّلْطَانِيَّة حَتَّى اضطروه إِلَى اباحته
وقال أيضا : بل تمكن كولبر بِحِكْمَتِهِ وسياسته ومعاملة الدولة الْعلية باللين والخضوع من تَجْدِيد المعاهدات الْقَدِيمَة فِي سنة 1673 وفوض ثَانِيًا إِلَى فرنسا حق حماية بَيت الْمُقَدّس كَمَا كَانَ لَهَا ذَلِك من ايام السُّلْطَان سُلَيْمَان وَبِذَلِك عَادَتْ العلاقات إِلَى سَابق صفائها بَين الدولتين.
هذا بعد اعتداء فرنسا على المغرب وتونس !
وَفِي هَذِه السّنة تحصل سفير فرنسا على تَجْدِيد الامتيازات القنصلية وكافة المزايا الممنوحة للتجار الفرنساويين وامضى الطرفان هَذِه الْمعَاهد الجديدة فِي 17 سبتمبر سنة 1740 وَهِي عبارَة عَن معاهدة سنة 1673 مَعَ بعض تسهيلات جَدِيدَة لفرنسا وتجارتها وارسل السُّلْطَان سفيرا من طرفه اسْمه سعيد ليقدم صُورَة المعاهدة إِلَى ملك فرنسا لويس الْخَامِس عشر مَعَ كثير من الْهَدَايَا الثمينة فقابله الْملك بالاحتفاء والاكرام اللَّائِق بمقام مرسله السَّامِي وَعند عودته شيعه بالتبجيل والاجلال وارسل مَعَه مركبين حربيين وَجُمْلَة من المدفعية الفرنساويين هَدِيَّة مِنْهُ للخليفة الاعظم ليكونوا معلمين فِي الجيوش العثمان
ومن الخدمات غير المقصودة التي حصلت من الدولة العثمانية لفرنسا قضاء بعض السلاطين العثمانيين على الانكشاريين بالاستئصال حتى أطلق عليهم المدافع
والانكشارية مع فساد عقيدتهم فهم كانوا خليطا مر التصوف والتشيع وفساد أخلاقهم وانتشار الخمور فيهم وكثرة تدخلهم في شئون الدولة فقد كان لهم نكاية عظيمة بالكفار وكان ينبغي إصلاحهم مع ضعف بديلهم وكان على المغرب إنكشارية فلما سمعوا باستئصال أصحابهم في المشرق انهارت روحهم المعنوية واستغلت فرنسا الأمر واستولت على المغرب
ونقل الكاتب عن صلح بعض السلاطين للروس :وَكَذَلِكَ جَمِيع المسيحيين الَّذين وَقَعُوا فِي الاسترقاق من لهيين وبغدانيين وافلاقيين وَمن اهالي الموره والجزائر والكرجيين كَافَّة بِلَا اسْتثِْنَاء يعتقون بِلَا ثمن وَبِغير عوض وَكَذَلِكَ الَّذين استرقوا من رعايا روسيا ووجدوا فِي ممالكي المحروسة يصير تسليمهم وردهم إِلَى مواطنهم وَذَلِكَ بعد انْعِقَاد الْمُصَالحَة الْمُبَارَكَة
حَيْثُ أَنه يُوجد مِنْهُم عدد عَظِيم فِي حَالَة الرّقّ بالممالك المحروسة فيتعهد الْبَاب العالي اتبَاعا لقاعدة ارجاع كل شَيْء إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل الْحَرْب ولمحو كل مَا نَشأ عَنْهَا من المصائب بِأَن يرد إِلَى الْحُكُومَة الامبراطورية الملوكية فِي ظرف شَهْرَيْن من تَارِيخ التوقيع على المعاهدة كل من يُوجد من رعاياها فِي حَالَة الرّقّ أَو اخذ اثناء الْحَرْب ذكرا كَانَ أَو انثى ايا كَانَ سنه أَو حَالَته وَفِي حورة من كَانَ وَفِي أَي جِهَة من املاك الدولة يكون مجَّانا بِدُونِ دفع فديَة أَو غَيرهَا بِحَيْثُ لَا يُوجد من الْآن فَصَاعِدا رعايا لآحد الطَّرفَيْنِ تَحت حكم الآخر
الْمَادَّة الثَّامِنَة تُعْطى الرُّخْصَة التَّامَّة لرهبان دولة الروسيا ولسائر رعاياها بزيارة الْقُدس الشريف وَسَائِر الاماكن الَّتِي تسْتَحقّ الزِّيَارَة وَلَا يتَكَلَّف المسافرون وَلَا السائحون لدفع نوع من انواع الْجِزْيَة وَالْخَرَاج والويركو اصلا وَلَا يطْلب ذَلِك مِنْهُم اثناء الطَّرِيق لَا فِي الْقُدس الشريف وَلَا فِي سَائِر الاماكن وتعطى لَهُم الفرمانات بِالْوَجْهِ اللَّائِق مَعَ اوامر الطَّرِيق الَّتِي تُعْطى إِلَى رعايا سَائِر الدول وَالَّذين يُقِيمُونَ مِنْهُم فِي اراضي دَوْلَتِي الْعلية لَا يُمكن ان يحصل لَهُم تعرض ومداخلة بِوَجْه من الْوُجُوه بل تصير حمايتهم وصيانتهم تَمامًا بِمُقْتَضى قُوَّة احكام الشَّرِيعَة
الْمَادَّة التَّاسِعَة المترجمون الموجودون فِي خدمَة سفراء الروسيا المقيمين فِي محروسة الْقُسْطَنْطِينِيَّة من أَي مِلَّة كَانُوا حَيْثُ خدموا امور الدولة وَخدمَتهمْ هَذِه رَاجِعَة للدولتين فانهم يعاملون بِكَمَال الْمُرُوءَة وَالِاعْتِبَار وَلَا تجوز مؤاخذتهم فِي الامور الْمُكَلّفين بهَا من طرف من هم بخدمته
الْمَادَّة الْعَاشِرَة لحين امضاء هَذِه الْمُصَالحَة الْمُبَارَكَة وايصال التنبهات اللَّازِمَة
الْمَادَّة الثَّانِيَة عشرَة إِذا رغبت دولة الروسيا ان تعقد معاهدة تجارية مَعَ الافريقيين أَي حكومات طرابلس الغرب وتونس والجزائر فدولتنا الْعلية تتعهد ببذل اعْتِبَارهَا وجهدها لحُصُول دولة روسيا على مرغوبها وتكفل حكومات الايالات الْمَذْكُورَة بانها تحافظ على العهود المرسومة
ونقل عن مصالحة مع النمسا : البند الثَّانِي عشر اما بِخُصُوص اجراء اصول الدّين الكاثوليكي المسيحي فِي الدولة العثمانية وحرية قسوسه والمتمسكين بِهِ وَحفظ واصلاح كنائسه وحرية التَّعَبُّد والمتعبدين والتردد على الاماكن المقدسة باورشليم وَغَيرهَا وحماية هَذِه الاماكن وَالْحج اليها فَإِن الْبَاب العالي السلطاني يجدد وَيُؤَيّد تبعا لقاعدة ارجاع كل امْر إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ جَمِيع الامتيازات الممنوحة للدّين الكاثوليكي بِمُقْتَضى البند التَّاسِع من المعاهدة السَّابِقَة وبمقتضى جَمِيع الفرمانات والاوامر الاخرى الصادرة من بادئ امْرَهْ
ونقل عن بعض السلاطين العثمانيين :يعتني الْبَاب العالي اعتناء تَاما بِمَنْع قراصنة الْمغرب من تَعْطِيل التِّجَارَة والملاحة الروسية بِأَيّ حجَّة كَانَت فَإِذا حصل مِنْهُم شَيْء فبمجرد علم الْبَاب العالي بحدوثه يتعهد من الْآن بِأَن يقوم بِإِعَادَة جَمِيع المأخوذات الَّتِي استولى عَلَيْهَا اولئك بِدُونِ ادنى تَأْخِير وَأَن يعوض على الرعايا الروسيين مَا لحقهم من الخسائر وَأَن يحرر بِهَذَا الصدد فرمانا صَارِمًا إِلَى بِلَاد المغاربة بِحَيْثُ لَا تَدْعُو الضَّرُورَة تكراره مرّة ثَانِيَة وَفِي حَالَة مَا إِذا لم ينفذ مفعول هَذَا الفرمان فَيدْفَع مِقْدَار التعويض من الخزينة الملوكية فِي مَسَافَة الشَّهْرَيْنِ الْمَنْصُوص
وبعد هذا كله روسيا فعلت الأفاعيل بالعثمانيين ولها تاريخ في الابادات الجماعية تجاه المسلمين في اديغيا وسيبيريا وغيرها
وقال السلطان عبد المجيد :وَبِمَا ان عوائد كل دين وَمذهب مَوْجُود بممالكنا المحروسة جَارِيَة بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يمْنَع أَي شخص من تبعتنا الملوكية من اجراء رسوم الدّين المتمسك بِهِ وَلَا يُؤْذى بِالنِّسْبَةِ لتمسكه بِهِ وَلَا يجْبر على تَبْدِيل دينه ومذهبه وَلكَون انتخاب وَتَعْيِين خدمَة ومأموري سلطنتنا السّنيَّة مَنُوطًا باستنساب ارادتنا الملوكية فَيصير قبُول تبعة دولتنا الْعلية من أَي مِلَّة كَانَت فِي خدماتها ومأمورياتها بِحَيْثُ يكون استخدامهم فِي المأموريات بالتطبيق للنظامات المرعية الاجراء فِي حق الْعُمُوم بِحَسب استعدادهم واهليتهم وَإِذا قَامُوا بايفاء الشُّرُوط المقررة بالنظامات الملوكية المختصة بالمكاتب التابعة لسلطنتنا السّنيَّة بِالنِّسْبَةِ للسن والامتحانات يصير قبولهم فِي مدارسنا الملكية والعسكرية بِلَا فرق وَلَا تَمْيِيز بَينهم وَبَين الْمُسلمين وَعدا ذَلِك فان كل طَائِفَة مأذونة بإعداد مكَاتب اهلية للمعارف والحرف والصنائع انما طرق التدريس وانتخاب المعلمين يكون تَحت مُلَاحظَة مجْلِس المعارف الْمُخْتَلط الْمعينَة.
هنا يسمح لغير المسلمين بتقلد المناصب العسكرية وعبد المجيد هذا عراب التغريب وكان قد قال أن الدولة العثمانية انحرفت عن الشريعة ١٥٠عاما ثم جاء بالتغريب على أنه الاسلام الصحيح الوسطي ! ولو أكملت كلامه لوجدته يتكلم عن قانون علماني لا يقيم للدين وزنا
ونقل عن السلطان عبد العزيز :واني اعلن ايضا حَيْثُ كَانَ مرادي السلطاني لَا يقبل الِاسْتِثْنَاء كَانَ الَّذين هم من الاديان والاجيال الْمُخْتَلفَة يرَوْنَ عُمُوما من طرفنا الهمايوني دقة مُتَسَاوِيَة فِي الْعَدَالَة والتأمين والهمة وَحسن الْحَال واكرر ان التَّوَسُّع التدريجي الَّذِي هُوَ ترقيات صَحِيحَة توجب غِبْطَة
وقال متحدثا عن عبد الحميد : ثمَّ سعى هَذَا الامير فِي اصلاح الشؤون الداخلية وحول انظاره إِلَى مَسْأَلَة الاوقاف المخصصة للاديرة وَالْكَنَائِس وَبَعض الاديرة الْخَارِجَة عَن الْبِلَاد مثل دير جبل طورسينا وديراثوس بِبِلَاد التّرْك والاماكن المقدسة بِمَدِينَة اورشليم فَإِن هَذِه الاملاك بلغت نَحْو جُزْء من ثَمَانِيَة من مَجْمُوع اطيان الْبِلَاد وايرادها يذهب خَارِجهَا إِلَى بطريرق الاستانة ليوزع على هَذِه الاديرة فَقَالَ
<< الْبُرْنُس بِضَم جَمِيع هَذِه الاوقاف إِلَى جَانب الْحُكُومَة وَهِي تقوم بِدفع مبلغ معِين لنفقات الْكَنَائِس الداخلية والاعمال الْخَيْرِيَّة الاهلية فَقَط وَلَا تدفع شَيْئا للاديرة الخارجية وعضده مجْلِس النواب وَعُمُوم الاهالي فِي هَذَا الْمَشْرُوع لَكِن عَارضه فِيهِ بطريرق الاستانة وَجَمِيع الرهبان وتداخلت الدول وَالْبَاب العالي
ونقل عن عبد الحميد قوله :وَقد عرف النَّاس اجْمَعْ تِلْكَ المساعدات الَّتِي ابداها اُحْدُ اجدادنا الْعِظَام المرحوم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الفاتح فِي مطلب حريَّة الدّين وَالْمذهب وكافة اسلافنا الْعِظَام ايضا قد سلكوا على هَذَا الاثر فَلم يَقع فِي هَذَا الْمطلب خلل بِوَقْت من الاوقات وَغير مُنكر ان الْمُحَافظَة مُنْذُ سِتّمائَة عَام على السّنة صنوف تبعتنا ومليتهم ومذاهبهم كَانَت النتيجة الطبيعية لهَذِهِ الْقَضِيَّة العادلة وَالْحَاصِل بَيْنَمَا كَانَت ثروة الدولة وَالْملَّة وسعادتهما صاعدتين فِي دَرَجَة الترقي فِي تِلْكَ الاعصار والازمان بِظِل حماية الْعَدَالَة ووقاية القوانين اخذنا بالانحطاط تدريجيا بِسَبَب قلَّة الانقياد للشَّرْع الشريف والقوانين الْمَوْضُوعَة وتبدلت تِلْكَ الْقُوَّة بالضعف وقصارى الامر ان المرحوم وَالِدي الاكبر السُّلْطَان مَحْمُود خَان ازال عدم الانتظام الَّذِي هُوَ الْعلَّة الْكُبْرَى للانحطاط الَّذِي طَرَأَ مُنْذُ اعصار على دولتنا وَرفع من الْوُجُود عائلة الانكشارية المتولدة مِنْهُ وَقلع شوك الْفساد والاختلال الَّذِي مزق جسم الدولة وَالْملَّة وَكَانَ هُوَ السَّابِق لفتح بَاب ادخال مَدَنِيَّة اوروبا الْحَاضِرَة إِلَى ملكنا وَهَكَذَا وَالِدي الْمَاجِد المرحوم عبد الْمجِيد خَان قد اقتفى هَذَا الاثر.
وقد غضب عبد الحميد لما لم يعتبروا أصوات اليهود في انتخابات استنبطول وأمر بإعادة الانتخابات
فماذا جنى القوم من كل هذا وهل رضي عنهم القوم أم نسي كل هذا وذهب ملكهم وشوهت صورتهم