فخ المعنفات ومتلازمة الإنصاف عند البعض

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

على إثر ما نشره نيزك عن أمر النسويات واعترافات بعض الشابات الهاربات أن دعوى التعنيف كانت لتحصيل اللجوء

وحديث بعض طلبة العلم وفقهم الله عن موضوع قضايا المرأة وأنه لا يحسن الحديث عن قضايا الحجاب دون الحديث عن مظلمة المرأة وأنه لا ينبغي أن يترك هذا الباب لشياطين الإنس سأكتب ما يلي ولم أجعله صوتية لأن الكلام أغضبني وخشيت إن سجلت يظهر الانفعال على صوتي

أولاً : الحديث عن ( حقوق المرأة في الإسلام ) أو ( مظلومية المرأة في الإسلام ) لا يقوم إلا على أصلين لا بد من التسليم بهما صدقاً مع النفس وضمانا لجدية الخطاب وعدم انجرافه لأوهام النسويات

الأصل الأول : الاعتراف بالضعف الطبعي في المرأة فالكلام عن ( حقوق امرأة ) معناه أنها أكثر عرضة للظلم من غيرها بسبب ضعف طبعي فعادة السياقات الحقوقية تتكلم عن حقوق ( الأقليات ) و ( الأطفال ) وأي فئة هي أكثر عرضة للظلم من غيرها بسبب بعض العوامل لهذا فالمساواة أسطورة ينبغي أن توضع تحت الأقدام

الأصل الثاني : المرجعية في الحقوق شرع الله وينبغي التسليم لحاكمية الله في كل شيء لا الانتقاء منه فتنتقي بعض النساء أحكام الميراث الإسلامية إن وجدت في وليها رغبة لحرمانها وتستفيد من المهر والنفقات وما ورد في إسقاط الجهاد وما يشبهه ( من بعض الأوجه ) من الخدمات العسكرية في هذا العصر وما ورد في النهي عن القذف وإسقاط المسئوليات المالية والحث على رعاية الأرامل واليتامى عنها وإذا كانت أما تنتفع بما ورد في شأن الأم ثم هي ترفض الالتزام بالأحكام الشرعية التي لا توافق هواها بل ربما طعنت عليها هذا العبث ينبغي أن ينقطع ومن كانت عليه لا نبالي بأي واد هلكت غير أننا ضد الظلم مطلقاً لا لنفس المظلوم وإنما لنفس الظلم الذي يبغضه الله وإن وقع على مشرك

لا يوجد أي أطروحة إسلامية محترمة تتكلم عن الحجاب ولا تنهى عن ضرب الوجه أو ظلم أي مخلوق أو إعضال المرأة أو عدم النفقة عليها أو حتى لا تحث على الستر على المسلمات في حال وجود ما يقتضيه، لا يوجد هذا حتى نقول لا نريد الكلام عن الحجاب دون الكلام عن المظلومية فالانتقائية لم تصدر من المحتسبين وإنما صدرت من الطرف الآخر بشكل مكثف فحين نترك الواقع المشاهد ونحارب طواحين الهواء فهذه متلازمة إنصاف ( وهو مرض يصيب البعض كلما رأى اثنين مختلفين توسط بينهما ويغريه نقد القريب جداً ولو بالتحامل ) أو شبق رتويت عافانا الله وإياكم من هذا كله

ثانياً : حين يعامل عامل معاملة سيئة في عمله بحيث تتأخر عليه رواتبه أو حتى يحرم من بعض حقوقه فيسرق من العمل غالب الناس لا يبررون السرقة بل يدينونها مع إدانتهم لما سببها ولا تطرح القضية بهذا الاختزال فيقال مثلاً ( قضية العمال المظلومين )

وحين يرفع شخص صوته على أمه بسبب ظلمها له فكذلك لا نجد أحداً يبرر عمله وإن كان في مقابل ظلم

وعند كثير من الوطنيين حين يخرج إنسان ويصير معارضاً سياسياً بسبب ظلم وقع عليه لا يجدون فعله هذا مبرراً ويعتبرون ذلك خيانة للوطن

وحين ينتشر الاستهزاء بالمتدينين في عدد من المجتمعات وفي مجتمعات أخرى تكثر محاربتهم في الوظائف واستقصادهم بالاعتقال والإهانة ، لا أحد يبرر لهم اعتناق الأفكار المتشددة أو المتطرفة أو ما نسميه شرعياً ( الغلو )

وحين تتطاول امرأة على زوجها بالكلام وتهينه فيضربها لذلك ضرباً مبرحاً لا أحد يبرر فعله

وحين تقوم خادمة تظلم وتعنف ( وتعنيف الخادمات قضية حقيقية في الخليج ولا تطرح لأن الطرف المعنف في الغالب من الإناث ) فتقوم بسرقة القوم الذين تخدم عندهم أو ترتكب جريمة في حق معنفها فلا أحد يبرر لها إلا شيئاً يسيرا مع إدانة الجريمة

وفقط حين تخرج واحدة وتقول أهلي فعلوا بي وفعلوا دون أن نتأكد من صدق دعاويها تصير هناك قضايا نسميها ( معنفات ) أو تصير هناك مظلومية امرأة ونغض الطرف عن الممارسات الفاجرة للطرف الذي يدعي المظلومية

ثالثاً : المرأة من حيث أنها امرأة ليست وصفاً مجرداً بل يقترن بها أوصاف أخرى من إسلام وكفر وغنى وفقر وجاه ووضاعة وكل ذلك يؤثر على منظومة الواجبات والحقوق في حقها والفئات المظلومة في المجتمع عديدة وكثير منها تكون المظلومية فيها مشتركة بين الذكور والإناث والجنس من الذكورة أو الأنوثة قد يكون عاملاً في وقوع الظلم على الأنثى كما يكون عاملاً في عظم المسئولية على الذكر وبالتالي إثقال الكاهل والتعرض لظلم من نوع آخر فالاختزال الذي يمارسه من يتحدثون عن مظلومية المرأة سواء من المسلمين أو اللادينيين مع مخالفته للشرع مخالف للواقع وواضح فيه التأثر بالتهويل والزخم الإعلامي وكما جرت العادة الاحتكام الباطن للمنظمات الغربية