قال ابن تيمية في «منهاج السنة» [6/218]: “وقيل لبعض السلف: الحاجُّ كثير. فقال: الداجُّ كثير، والحاجُّ قليل. ومثل هذا كثير.
فالمحو والتكفير يقع بما يُتقبَّل من الأعمال. وأكثر الناس يُقصِّرون في الحسنات، حتى في نفس صلاتهم. فالسعيد منهم من يُكتب له نصفها، وهم يفعلون السيئات كثيرا؛ فلهذا يكفَّر بما يُقبَل من الصلوات الخمس شيء، وبما يُقبَل من الجمعة شيء، وبما يُقبَل من صيام رمضان شيء آخر. وكذلك سائر الأعمال، وليس كل حسنة تمحو كل سيئة، بل المحو يكون للصغائر تارة، ويكون للكبائر تارة، باعتبار الموازنة”.
قول الشيخ هنا: “فالسعيد منهم من يُكتب له نصفها” مشجٍ غاية في بيان كرم الله عز وجل.
فالصلاة فُرضت علينا خمساً وهي في الأجر خمسين، والحسنة بعشر أمثالها، فالحسنة في الصلاة بخمسمائة، ونصفها مائتين وخمسين، فتلك صفقة رابحة غاية، هذا غاية المضاعفة الحاصلة في صلاة الجماعة وفي الزمان الفاضل والمكان الفاضل.
وهذا من آثار اسم الله عز وجل الكريم الوهاب.
بل وفيها من آثار اسم الغفور الرحيم، لأن الصلوات كفارات أيضاً، كما نبه عليه الشيخ في كلامه.
غير أن كثيراً من الناس يضيِّعون هذه الفرصة العظيمة، فلا يستعدون للصلاة كما ينبغي ولا يتعلمون فقهها ولا يفرِّغون قلوبهم للأمر، حتى ينالوا القدر الأعظم من الأجر.
ولو كان الأمر صفقة تجارية فيها مكسب مالي، لحرصوا أن ينالوا أكبر قدر من الربح، ولكن في أمر الآخرة يقع الزهد، وهذا خذلان وعكس للأمور.
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: «لو يعلم أحدُهم، أنه يجد عرقا سمينا، أو مرماتين حسنتين، لشهد العشاء».
وأسعد الناس بهذا معلمي الناس الخير الذين يعلمونهم ما تصح به صلاتهم ويعلمونهم واجبات الصلاة وسننها، وأسعد الناس بذلك أهل الحديث، أعرف الناس بسنة رسول الله ﷺ وأرشد الناس إليها، فأحسب أن الرجل منهم إن اشتغل بتعليم الناس ونفعهم يناله الأجر العظيم في كل حين يصلي فيه الناس في كل مكان في الدنيا، وهذا المرء الذي يُغبط حقاً.