بمناسبة الأمطار في بلادنا أود إفادة طلاب العلم بهذه الفائدة.
قال البهوتي في «كشاف القناع»: “فائدة روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن أبي زكريا قال: من قال: «سبحان الله وبحمده» عند البرق، لم تصبه صاعقة”.
هذه الفائدة فشت في الحنابلة بعد البهوتي، ونقلها غير واحد، وعليها تعقيب.
قال ابن أبي شيبة في «المصنف»: “31174- 29823- حدثنا ابن مبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ابن أبي زكريا قال: من سمع صوت الرعد فقال: سبحان الله وبحمده، لم تصبه صاعقة”.
أقول: وهذا سند قوي، فهو ابن أبي زكريا وليس (أبو زكريا)، وهو عبد الله بن أبي زكريا: إياس، وقيل: زيد الخزاعي، أبو يحيى الشامي.
تابعي شامي، كان من كبار عباد أهل الشام وزهادهم في زمنه، حتى فضلوه على عمر بن عبد العزيز.
وقال أبو مسهر: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول: كان عبد الله بن أبي زكريا سيد أهل المسجد. قلت: بأي شيء سادهم؟ قال: بحسن الخلق.
وقال علي بن عياش الحمصي، عن اليمان بن عدي: كان عبد الله بن زكريا عابد الشام، وكان يقول: ما عالجت من العبادة شيئا أشد من السكوت.
وقال أيوب بن سويد، عن الأوزاعي: لم يكن بالشام رجل يفضل على ابن أبي زكريا.
ومناقبه كثيرة.
هذا أولاً.
وثانياً: الخبر في الرعد وليس في البرق، وبينهما فرق، فالرعد ذلك الصوت المهيب، وأما البرق فذلك اللمعان في السحاب، لهذا يُربط البرق بالبصر عادةً في النصوص: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} [البقرة].
ورواه بذكر الرعد لا البرق ابن أبي الدنيا في «الرعد والبرق» عن ابن أبي زكريا، وهذان مصدران أعلى من الحلية.
ورواه أيضاً بذكر الرعد أبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» والطبري في تفسيره.
وقد ذكروه من رواية عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه ومن رواية الأوزاعي عنه، غير أن في السند إلى الأوزاعي كلاماً.
والوحيد الذي رواه بذكر البرق أبو نعيم في الحلية، وفي السند للأوزاعي عقبة بن علقمة، وهو صدوق، غير أنه يغرب أحياناً عن الأوزاعي، فرواية الآخرين أرجح، وهي رواية عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن ابن أبي زكريا.
والتسبيح أنسب مع الرعد {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته} [الرعد].
وثبت عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ذكر التسبيح عند الرعد، فابن الزبير كان يقول: «سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته»، وابن عباس يقول: «سبحان الذي سبَّحتَ له»، وكلاهما ثابت.