فائدة حول عدد الصحابة وعدد الرواة منهم والرد على الرافضة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد كثرت تشكيكات الروافض – لا كثرهم الله – بعدالة الصحابة

وأرادوا من ذلك الطعن في القرآن والسنة كما قال أبو زرعة :” إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة”

رواه الخطيب في الكفاية

فأما القرآن فتحملهم تقيتهم إلى أن عدم الجهر بالطعن فيه في كثيرٍ من المواطن ، وأما السنة فالطعن فيها هو الواجب الذي لا يتخلف عندهم لا لتقيةٍ ولا غيرها

وهنا بعض الحقائق العلمية التي تبدد مزاعمهم

قال الخطيب في الجامع 1904 : أخبرني الحسين بن علي الطناجيري ، نا عمر بن أحمد الواعظ ، نا أحمد بن محمد بن سعيد الهمذاني ، نا الحسن بن علي الرازي :

 سمعت أبا زرعة الرازي  وسئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم

فقال : ومن يضبط هذا ؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفا وشهد معه تبوك سبعون ألفا “

ولعله سقط من كلامه على على من حضر حجة الوداع [ مائة ] وأربعون ألفاً

فالمشهور أنهم فوق المائة ألف

قال ابن كثير في السيرة النبوية ص400 :” وأما جملة الصحابة فقد اختلف الناس في عدتهم، فنقل عن أبي زرعة أنه قال: يبلغون مائة ألف وعشرين ألفا.

وعن الشافعي رحمه الله أنه قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ممن سمع منه ورآه زهاء ستين ألفا.

وقال الحاكم أبو عبد الله: يروى الحديث عن قريب من خمسة آلاف صحابي.

قلت: والذين روى عنهم الإمام أحمد مع كثرة روايته واطلاعه واتساع رحلته وإمامته من الصحابة تسعمائة وسبعة وثمانون نفساً “

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (7/200) :” و قد كان المسلمون يوم بدر ثلاثمائة و ثلاث عشر و يوم أحد نحو سبعمائة و يوم الخندق اكثر من ألف أو قريبا من ذلك و يوم بيعة الرضوان ألفا و أربع مائة و هم الذين شهدوا فتح خيبر و يوم فتح مكة كانوا عشرة آلاف و يوم حنين كانوا اثني عشر ألفا تلك العشرة و الطلقاء ألفان و أما تبوك فلا يحصى من شهدها بل كانوا اكثر من ثلاثين ألفا و أما حجة الوداع فلا يحصى من شهدها معه و كان قد أسلم على عهده أضعاف من رآه و كان من أصحابه و أيده الله بهم في حياته باليمن و غيرها و كل هؤلاء من المؤمنين الذين أيده الله بهم”

قلت : وعليه فإن الرواة في الصحابة قليلون جداً إذا ما قورنوا بالذين ليس لهم رواية فإن الصحابة يربون على المائة الألف والرواة منهم في مسند الإمام أحمد على سعة اطلاعه لم يبلغوا الألف

ولابن حزم كتابٌ في أسماء الرواة من الصحابة وما لكل واحد فيهم من الرواية اعتمد فيه على مسند بقي بن مخلد أحصى فيه 999 صحابياً ، أي أنهم لم يبلغوا الألف هذا مع عدم إعمال النقد في مروياتهم فكثيرٌ منهم لم تصح الرواية إليه ، وكثيرٌ منهم ليس له إلا حديث أو حديثين

وقد جمع بعض المعاصرين من لم يرو إلا حديثاً واحداً من الصحابة فبلغ عددهم 351 صحابياً ( أي أكثر من ثلث الرواة من الصحابة )، وليس كلهم تصح الرواية إليه وكثيرٌ منهم اعتضد برواية إخوانه ، وكثيرٌ منهم لم يرو إلا أحاديث قليلة فمنهم من روى اثنين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا ، فهذا كله يدل على ورع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرواية مما يبطل مزاعم المشككين من الرافضة وغيرهم

والروافض لا يتفطنون لهذا إلا أن طعنهم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعكس بشكلٍ أقوى على الرواة عن أئمتهم المعصومين

وذلك من جوه

أولها : أن الصحابة زكاهم الله عز وجل في القرآن والرواة عن أئمتهم المعصومين لم ينالوا هذا الشرف العظيم

قال تعالى :” لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ “

قلت : فوعد الله عز وجل كل من أنفق قبل الفتح وقاتل ومن أنفق بعده وقاتل بالحسنى وهي الجنة

وقال تعالى :” َالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِوَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُوَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَاأَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ “

هذه الآية لوحدها تكفي لنقض دين الروافض المعاصرين

فهنا يثني الله عز وجل على المهاجرين والأنصار ومن اتبعهم بإحسان

فهل تعرفون أنصارياً واحداً يثني عليه الروافض أو يذكرونه بخير ؟

أو ينقلون أقواله ليقتدوا بها ؟

الجواب : لا

فأهل البيت غير الأنصار وبلال و أبو ذر والمقداد وسلمان وعمار ليسوا من الأنصار

فلماذا لا يترضى الروافض على من رضي الله عنهم ؟

وحتى لو جاءوا بأنصاري أو اثنين فلن يكفي ذلك ، لأن الثناء جاءء على العموم وهذا يقتضي أن غالبهم على الأقل يتناوله الثناء

فلو قلت لك :” اذهب إلى هذه القرية فإن أهلها أهل كرم”

فوجدت الكرام فيهم اثنين فقط أو ثلاثة أو عشرة!

والباقي كلهم أهل بخل لعاتبتني وطعنت في بياني

ومثل هذا يقال في المهاجرين

والله عز وجل لا يثني على من سيموت على الكفر أو الفسق فتأمل

ثانيها : أنه ليس في الصحابة من يضاهي بعض رواة الروافض في كثرة الرواية

فهذا جابر بن يزيد الجعفي قال الحر العاملي في وسائل الشيعة (20/151): ” روى سبعين ألف حديث عن الباقر ع ـ وروى مائة وأربعين ألف عن غيره “

أقول : جابر الجعفي من أوثق رواة القوم ، وعامة الرافضة يقبلون هذه الكثرة الكاثرة في مرويات الرجل ، ثم هم يعترضون على كثرة مرويات أبي هريرة ، علماً بأن أحاديث أبي هريرة لم تبلغ عشر مرويات الجعفي ! .

 وأبو هريرة دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وأما الجعفي فلم يدع له أحد لا نبي ولا غيره .

 وأبو هريرة صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنوات ، ولم يكتف بهذه السنوات الأربع بل بقي يطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ويرويه مرسلاً وهذا يسمى مرسل الصحابة وهو صحيح عند المحدثين لأن الصحابة كلهم عدول ، هذا مع كثرة الروايات الضعيفة والمنكرة والموضوعة المنسوبة لأبي هريرة فكثيرٌ من الإحصائيات لأحاديث أبي هريرة غير دقيقة لعدم اعتبار نقد المحدثين .

 واعلم رحمك الله بأن الجعفي كوفي والباقر مدني !

وجاء في رجال الكشي ص191:عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن أحاديث جابر ؟ فقال: ” ما رأيته عند أبي إلا مرة واحدة ، وما دخل علي قط”!!

أقول : زيارة واحدة كافية لسبعين ألف حديثاً ! ، وأربع سنوات لا تكفي لأقل من عشر ذلك !

أخي ! ، هل أبصرت حقد القوم على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

ولنأخذ مثالاً آخر وهو زرارة بن أعين وهو من أعيان رواة القوم

يروى عن جعفر الصادق أنه قال_ كما في رجال الكشي ص133 _: (لعن الله زرارة)

وقال أيضاً في ص134: لا يموت زرارة إلا تائهاً عليه لعنة الله .

أقول : أبو هريرة يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم فيردون روايته ، وزرارة يلعنه ( معصومهم ) ، فيقبلوا روايته فأبصر العجب ! .

 وإذا جاز أن يسيئوا الظن في صحابة خير الخلق ، فإساءة الظن بهؤلاء أولى وأولى

بل إن من شدة حنق القوم على صحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم إذا رأوا تستنكره عقولهم المريضة فإن لا يتهمون به إلا الصحابي ، علماً بأن الصحابي يروى عنه بإسناد فلو أنصف الرافضي لوضع احتمال أن تكون الجناية من غير الصحابي ولكنهم قومٌ أعمى الله أبصارهم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم