فائدة : الدارمي يعتبر تأويل صفة اليد بدعة مكفرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال عثمان الدارمي في الرد على الجهمية وهو يعدد أسباب تكفيره لهم ص198
:

” وقال الله تبارك وتعالى : ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )
. و ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) . و ( بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) . وقال
: ( يد الله فوق أيديهم ) .

 قال هؤلاء : ليس لله يد ، وما
خلق آدم بيديه ، إنما يداه نعمتاه ورزقاه . فادعوا في يدي الله أوحش مما ادعته اليهود
( وقالت اليهود يد الله مغلولة ) ، وقالت الجهمية : يد الله مخلوقة ، لأن النعم والأرزاق
مخلوقة لا شك فيها ، وذاك محال فيكلام العرب فضلا أن يكون كفرا .

 لأنه يستحيل أن يقال : خلق آدم
بنعمته.

 ويستحيل أن يقال : في قول الله
تبارك وتعالى : ( بيدك الخير ) : بنعمتك الخير ؛ لأن الخير نفسه هو النعم نفسها .

 ومستحيل أن يقال في قول الله عز
وجل : ( يد الله فوق أيديهم ) : نعمة الله فوق أيديهم ، وإنما ذكرنا هاهنا اليد مع
ذكر الأيدي في المبايعة بالأيدي ، فقال : ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد
الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) .

 ويستحيل أن يقال : ( يداه مبسوطتان
) : نعمتاه ، فكأن ليس له إلا نعمتان مبسوطتان ، لا تحصى نعمه ، ولا تستدرك .

 فلذلك قلنا : إن هذا التأويل محال من الكلام فضلا أن يكون كفرا . ونكفرهم أيضا بالمشهور
من كفرهم أنهم لا يثبتون لله تبارك وتعالى وجها”

ففي هذا النص أن الجهمية الأوائل كانوا مؤولة ، وتأويلاتهم عين تأويلات
الأشاعرة وقدكفرهم الدارمي بهذا التأويل ، واعتبره محالاً في اللغة

فكيف بمن يضيف إلى هذا إنكار صفة العلو وصفة الكلام بالحرف والصوت ، والوجه
وغيرها من الصفات

قال ابن مفلح في الفروع (12/ 450) :” قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
: وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ
الْمُقَلِّدَ فِيهَا ، كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا
بِهِ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ
مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ ، أَوْ يَسُبَّ الصَّحَابَةَ
تَدَيُّنًا ، أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
، فَمَنْ كَانَ عَالِمًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ
عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ، نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي
مَوَاضِعَ”

أقول : والمقلد يعني به الجاهل والتحقيق التفريق بين المسائل الجلية التي لا يعذر فيها أحد والخفية التي قد يعذر فيها بعض الناس  ، ومن البدع المكفرة عند السلف نفي العلو

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/ 485) :” وَنَحْنُ نَبْدَأُ
بِمَذْهَبِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فِيهَا قَبْلَ التَّنْبِيهِ عَلَى الْحُجَّةِ فَنَقُولُ:
الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَعَامَّةِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ تَكْفِيرُ
الْجَهْمِيَّة وَهُمْ الْمُعَطِّلَةُ لِصِفَاتِ الرَّحْمَنِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ صَرِيحٌ
فِي مُنَاقَضَةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ الْكِتَابِ وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ
جُحُودُ الصَّانِعِ فَفِيهِ جُحُودُ الرَّبِّ وَجُحُودُ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ
عَلَى لِسَانِ رُسُلِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: إنَّا
لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ
الْجَهْمِيَّة وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ
الْأَئِمَّةِ إنَّهُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَعْنُونَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَلِهَذَا كَفَّرُوا مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ
وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ وَلَا
قُدْرَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ وَلَا غَضَبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ.”

وشيخ الإسلام يعني أن السلف كفروا بكل واحدة من هذه على حدة ، إذ لا يوجد
شيء في التكفير اسمه ( التكفير بالمجموع )

وفي العلل رواية الميموني 349 : سَأَلته فِيمَا بيني وَبَينه – يعني أحمد
ابن حنبل – واستفهمته واستثبته، قلت: يَا أَبَا عبد الله , قد بلينا لهَؤُلَاء الْجَهْمِية،
مَا تَقول فِي من قَالَ: إِن الله لَيْسَ على الْعَرْش؟

 قَالَ: كَلَامهم كلهم يَدُور على الْكفْر”

فكيف يقال بعد هذا أن الأشاعرة من أهل السنة ؟

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم